قراءه حول الوضع الإقليمي العربي بقلم المستشار محمد مصطفي البدراوي

قراءه حول الوضع الإقليمي العربي بقلم المستشار محمد مصطفي البدراوي يعيش العالم العربي منذ عقود طويلة حالةً من التشرذم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، انعكست آثارها على مختلف مناحي الحياة، بما في ذلك الثقافة والمجتمع.

هذا الواقع لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجةً لتراكمات تاريخية وعوامل خارجية وداخلية متشابكة، لعبت فيها الأطماع الاستعمارية دورًا محوريًا في رسم ملامح ما نشهده اليوم من انقسام وتدهور.

لقد تحولت المنطقة العربية إلى ساحة مفتوحة لمشاريع استعمارية هدفت بالأساس إلى تقسيمها وإضعافها وتحويلها إلى تابعٍ دائم.

وقد نجحت هذه القوى، عبر معاهدات واتفاقيات دولية وإقليمية، في تكبيل إرادة العديد من دول المنطقة، ودفعها إلى الانشغال بأزماتها الداخلية، سعياً لتجنب الانهيار السياسي والاقتصادي.

ورغم محاولات بعض الأنظمة الصمود، جاء ما سُمي بـ”الربيع العربي” ليهزّ الأركان من جديد، ويدفع الشعوب إلى مواجهات دامية، مازالت آثارها قائمة حتى اليوم.

ووسط هذا الواقع المتأزم، تغيب المرجعيات السياسية والفكرية والاقتصادية والدينية التي من شأنها أن تقود عملية الإنقاذ، كما غابت النخب المؤهلة للقيادة والتوجيه، ما زاد من تعقيد المشهد.

ويبقى السؤال الجوهري: إلى متى سيستمر هذا الاستنزاف لمقدرات الدول العربية وشعوبها؟ وأين كانت—النخب الفكرية والسياسية من هذا الانهيار المتسارع؟ما يجري في المنطقة ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج مخطط طويل الأمد وُلد قبل أكثر من قرن من الزمان، على يد مفكرين وخبراء استراتيجيين، ورعته قوى استعمارية كفرنسا وبريطانيا، وزرعت خلاله إسرائيل ككيان وظيفي لتفكيك المنطقة.

وقد استغلت هذه القوى عناصر مثل الفقر، الجهل، التفرقة، والتخلف، إلى جانب غياب مشروع عربي موحد، لتُحكم قبضتها على المنطقة.اليوم، يعاني العالم العربي من انسداد في أفق الحلول، وتراجع حاد في التفكير الاستراتيجي، في ظل استمرار الحروب والصراعات، وتفاقم الأزمات.

ومن هنا، تصبح الحاجة ملحة إلى مراجعة تاريخية معمقة، تقوم على تحليل المراحل التي مرت بها المنطقة، واستيعاب الأسباب والنتائج، بهدف صياغة خطط مستقبلية تعاكس مصالح الاستعمار وتُمهّد لأجيال جديدة تستطيع التعلم من أخطاء الماضي، وتتجه نحو بناء مستقبل أكثر استقرارًا وعدلاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *