الدكتورة دعاء زكريا.. الطبيبة التي غيرت قواعد اللعبة وقادت ثورة في عالم الطب والتغذية الإكلينيكية.

بقلم الإعلامية: منار أيمن سليم
في عالم الطب الحديث، حيث يتسابق الجميع نحو العلاجات الدوائية السريعة، تقف الدكتورة دعاء زكريا بثبات، حاملةً راية التغيير، ومتبنية نهجًا طبيًا متكاملًا يعتمد على علاج السبب قبل الأعراض. هي ليست مجرد أستاذة أمراض الكبد والجهاز الهضمي في جامعة عين شمس، بل هي رائدة في الطب الوظيفي والتغذية الإكلينيكية، واستطاعت أن تترك بصمة قوية في حياة الآلاف من المرضى.
بدأت الدكتورة دعاء مسيرتها كمتخصصة في أمراض الكبد والجهاز الهضمي، حيث تعاملت مع العديد من الحالات المعقدة. لكنها سرعان ما أدركت أن الأدوية وحدها ليست الحل، وأن هناك عوامل أخرى تؤثر على صحة المرضى، مثل التغذية، ونمط الحياة، والحالة النفسية.
ومن هنا، قررت التوسع في دراستها، فخاضت رحلة في علم التغذية الإكلينيكية، حيث تعلمت كيف تكون التغذية جزءًا أساسيًا من العلاج وليس مجرد عامل مساعد. لكن شغفها بالبحث لم يتوقف، فاتجهت إلى الطب الوظيفي، وهو فرع متقدم من الطب يركز على علاج الأسباب الجذرية للأمراض بدلاً من مجرد تخفيف الأعراض.
بعد سنوات من الدراسة والتدريب، حصلت الدكتورة دعاء على شهادة ممارس معتمد من معهد الطب الوظيفي (IFM) في الولايات المتحدة، لتكون واحدة من أوائل الأطباء العرب الذين يمارسون هذا التخصص الفريد.
لم يكن هدف الدكتورة دعاء أن تحتفظ بمعرفتها لنفسها فقط، بل سعت إلى تطبيق هذا النهج المتطور في كبرى المستشفيات المصرية. تولت:
1)رئاسة قسم التغذية الإكلينيكية بمجمع الجلاء الطبي العسكري، حيث نجحت في إدخال مفهوم التغذية العلاجية في رعاية المرضى بشكل أساسي.
2)رئاسة قسم التغذية الإكلينيكية بمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق، حيث عملت على تحسين شفاء المرضى من خلال برامج غذائية مصممة خصيصًا لتسريع التعافي وتقليل المضاعفات.
3)تأسيس وإدارة أقسام التغذية العلاجية بالمركز الطبي العالمي ومستشفى السعودي الألماني بالقاهرة، حيث دمجت أساليب الطب الوظيفي والتغذية العلاجية في البروتوكولات الطبية التقليدية.
إلى جانب عملها الأكاديمي والطبي، أدركت الدكتورة دعاء أن التوعية هي الخطوة الأولى نحو مجتمع صحي. ولهذا السبب، أصبحت واحدة من أبرز الأطباء المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تقدم محتوى غنيًا بالمعلومات حول:
1)أهمية التغذية الصحيحة في الوقاية من الأمراض
2)تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الحميات الغذائية
3)كيفية تحسين صحة الجهاز الهضمي من خلال الطب الوظيفي
4)العلاقة بين العقل والجسم وتأثير العوامل النفسية على الأمراض
بفضل أسلوبها الواضح والمبسط، تمكنت من الوصول إلى مئات الآلاف من المتابعين، الذين أصبحوا أكثر وعيًا بصحتهم وبدأوا في تطبيق النصائح التي تقدمها.
لماذا تُعد الدكتورة دعاء زكريا حالة فريدة في المجال الطبي؟
ما يجعلها مختلفة عن غيرها من الأطباء هو قدرتها على دمج ثلاث مجالات طبية في نهج علاجي واحد:
- أمراض الجهاز الهضمي والكبد
- التغذية الإكلينيكية والعلاجية
- الطب الوظيفي والعلاج الجذري للأمراض
وهذا المزيج منحها رؤية شاملة لصحة الإنسان، حيث لا تكتفي بإعطاء أدوية لعلاج الأعراض، بل تبحث عن المسببات العميقة للمشكلة وتعمل على معالجتها بطرق علمية مدروسة.
رؤية مستقبلية.. نحو تطوير الطب الوظيفي في مصر
من خلال رئاستها للجمعية المصرية للطب الوظيفي (EFMA)، تسعى الدكتورة دعاء إلى نشر هذا المفهوم الحديث بين الأطباء المصريين والعرب عبر:
تنظيم دورات تدريبية متخصصة في الطب الوظيفي
إجراء أبحاث علمية حول العلاقة بين التغذية والأمراض المزمنة
المطالبة بإدخال التغذية العلاجية كجزء أساسي من الرعاية الطبية في المستشفيات
الدكتورة دعاء زكريا ليست مجرد طبيبة، بل هي رائدة طبية تحمل رؤية واضحة لمستقبل الطب في مصر. بفضل علمها، خبرتها، والتزامها بنشر الوعي الصحي، استطاعت أن تغير حياة الكثيرين، وأن تصبح رمزًا للطبيب الذي لا يكتفي بالعلاج التقليدي، بل يسعى لفهم الإنسان ككل، بجسده وعقله ونمط حياته.
وفي زمن أصبحت فيه الأمراض المزمنة في ازدياد، وجود أطباء مثل دعاء زكريا هو ما نحتاجه لإحداث ثورة حقيقية في عالم الصحة.
