مجلس القضاء الأعلى في العراق يؤكد تعاون فصائل لحصر السلاح بيد الدولة – خليجي نيوز

أكد قادة فصائل مسلحة في العراق، بما في ذلك تلك المرتبطة بإيران، موافقتهم على التعاون مع الحكومة في عملية حصر السلاح بيد الدولة، وهي قضية طال أمدها تثير قلقًا إقليميًا ودوليًا. جاء هذا الإعلان بعد مباحثات مع رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، في سياق جهود لتعزيز الاستقرار السياسي والأمني في البلاد. وتعتبر هذه الخطوة ذات أهمية خاصة في ظل الضغوط الأمريكية المتزايدة لنزع سلاح هذه الفصائل.
الاجتماع الذي عُقد يوم السبت، شهد مشاركة قادة من عدة فصائل بارزة، حيث أبدوا استعدادهم للعمل مع السلطات العراقية لتحقيق هذا الهدف. ومع ذلك، لا يزال هناك تباين في المواقف، حيث تشترط بعض الفصائل، مثل كتائب حزب الله، سحب القوات الأجنبية من العراق قبل مناقشة أي تسليم للسلاح.
أهمية حصر السلاح في العراق
تأتي هذه التطورات في وقت حرج يواجه فيه العراق تحديات أمنية وسياسية متعددة. فقد شهدت البلاد في السنوات الأخيرة تصاعدًا في التوترات بين الفصائل المسلحة، مما أدى إلى اشتباكات متفرقة وعرقلة جهود التنمية والاستقرار.
وفقًا لمحللين سياسيين، فإن حصر السلاح بيد الدولة يمثل خطوة أساسية نحو بناء مؤسسات أمنية قوية وموحدة قادرة على حماية سيادة البلاد وضمان الأمن لجميع المواطنين. كما أنه يهدف إلى تقليل النفوذ المتزايد للفصائل المسلحة في الحياة السياسية والاقتصادية.
مواقف الفصائل المتباينة
على الرغم من الإعلان العام عن التعاون، إلا أن مواقف الفصائل تختلف بشكل ملحوظ. فقد أشاد قيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق، بمفهوم حصر السلاح، معتبرًا أن فصيلته أصبحت جزءًا من الدولة.
بالمقابل، أكدت كتائب حزب الله على استمرارها في حمل السلاح، مشيرة إلى أنه حق مشروع للمقاومة حتى تحقيق هدفها المتمثل في طرد القوات الأجنبية. هذا الموقف يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه الحكومة في عملية نزع السلاح، خاصة وأن بعض الفصائل تعتبر نفسها جزءًا من جهود المقاومة ضد الوجود الأجنبي.
الضغوط الأمريكية والدولية
تأتي هذه التطورات أيضًا في ظل ضغوط أمريكية ودولية متزايدة على الحكومة العراقية لنزع سلاح الفصائل المسلحة التي تعتبرها واشنطن “إرهابية”. وقد طالبت الولايات المتحدة باستبعاد هذه الفصائل من العملية السياسية ومحاسبة قادتها على أي أعمال عنف أو تقويض للاستقرار.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف إقليمية من أن استمرار وجود هذه الفصائل المسلحة قد يؤدي إلى تصعيد التوترات الإقليمية وزعزعة الاستقرار في المنطقة. وتشجع دول المنطقة، بما في ذلك السعودية والإمارات، الحكومة العراقية على اتخاذ خطوات حاسمة لنزع سلاح هذه الفصائل.
الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي فازت بها الكيانات الشيعية الممثلة للفصائل المسلحة، أضافت تعقيدًا إضافيًا إلى هذه القضية. فقد أصبحت هذه الفصائل الآن جزءًا من الإطار التنسيقي الشيعي، الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي، مما يمنحها نفوذًا كبيرًا في صنع القرار السياسي.
هذا النفوذ قد يجعل من الصعب على الحكومة تنفيذ عملية نزع السلاح بشكل كامل وفعال. ومع ذلك، فإن الإعلان عن التعاون مع الحكومة يمثل خطوة إيجابية قد تفتح الباب أمام حوار بناء ومفاوضات جادة حول هذه القضية الحساسة.
تعتبر قضية الأمن والاستقرار في العراق ذات أهمية بالغة ليس فقط للعراقيين أنفسهم، بل أيضًا للمنطقة بأسرها. فإن نجاح الحكومة في حصر السلاح بيد الدولة سيعزز من قدرتها على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، وسيسهم في بناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.
من المتوقع أن تشهد الأيام والأسابيع القادمة مزيدًا من المباحثات والتفاوضات بين الحكومة العراقية والفصائل المسلحة. وسيكون من المهم مراقبة مدى التزام هذه الفصائل بتنفيذ ما وعدت به، وما إذا كانت ستتمكن الحكومة من تحقيق هدفها المتمثل في حصر السلاح بشكل كامل.
يبقى التحدي الأكبر هو إيجاد حلول وسط ترضي جميع الأطراف، وتضمن عدم عودة العنف والاضطرابات إلى البلاد. كما أن مستقبل العلاقات بين العراق والولايات المتحدة، ودول المنطقة، سيكون له تأثير كبير على هذه القضية.



