ترامب: الاتفاق بين الكونغو الديمقراطية وراندا يوقف عقودا من إراقة الدماء – خليجي نيوز

وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا بأنه “تاريخي”، مؤكداً التزام البلدين بإنهاء عقود من الصراع والعنف. جرى توقيع الاتفاق في واشنطن يوم الخميس، بحضور رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، والرئيس الرواندي بول كاجامي، وبمبادرة قطرية. ويهدف هذا الاتفاق إلى تحقيق الاستقرار في منطقة شرق الكونغو الغنية بالمعادن، بما في ذلك الكوبالت والنحاس، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
أشاد الرئيس ترامب بالجهود التي بذلها القادة الكونغوليون والروانديون للوصول إلى هذا الاتفاق، معتبراً إياه يوماً عظيماً لإفريقيا بشكل عام. وأكد أن الاتفاق يضع حداً لحرب استمرت طويلاً، ويفتح صفحة جديدة من الوئام والتعاون. وقد شكر ترامب أيضاً رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، مشيراً إلى الدور المحوري الذي لعبه في تسهيل المفاوضات ووساطة الصلح.
أهمية اتفاق السلام لجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا
يمثل هذا الاتفاق خطوة مهمة نحو حل نزاعات طويلة الأمد بين الكونغو ورواندا، ترتبط بشكل كبير بالسيطرة على الموارد الطبيعية في شرق الكونغو، وخاصةً الكوبالت، وهو معدن حيوي لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية. وقد ساهمت هذه النزاعات في تفاقم الأوضاع الإنسانية والأمنية في المنطقة، وتسببت في معاناة كبيرة للسكان المدنيين.
خلفية الصراع
تعود جذور الصراع إلى النزاعات العرقية والسياسية في المنطقة، بالإضافة إلى تدخل قوى خارجية. تنفي رواندا دعمها لمجموعات متمردة في الكونغو، لكن الأمم المتحدة والحكومة الكونغولية قد اتهمتاها بذلك في الماضي، بما في ذلك دعمها لمجموعة “إم23” المسلحة. في المقابل، تتهم كيغالي الجماعات المسلحة المتواجدة في الكونغو، مثل قوات التحرير الرواندية الديمقراطية (FDLR)، بتهديد أمنها القومي.
من جهته، أكد الرئيس تشيسكيدي التزام الكونغو بتنفيذ جميع بنود الاتفاقية، بينما أعرب الرئيس كاجامي عن امتنانه لدور قطر في تحقيق هذا الإنجاز. وتشمل هذه البنود وفقاً لما صرحت به الحكومة الكونغولية، اتفاقاً للسلام، وإطار عمل للتكامل الاقتصادي الإقليمي، وشراكة استراتيجية بشأن إدارة الموارد الطبيعية.
ومع ذلك، أكدت كينشاسا أن تحقيق السلام المستدام على الأرض هو شرط أساسي قبل البدء في أي مشاريع تنموية اقتصادية. وذلك نظراً لاستمرار الاشتباكات بين القوات الحكومية ومجموعة “إم23” في عدة مناطق من شرق الكونغو، حتى بعد توقيع الاتفاق. تواصل القوات الكونغولية عملياتها العسكرية لطرد المتمردين من المناطق التي يسيطرون عليها.
أما رواندا، فقد شددت على أن أمنها القومي يظل مهدداً من قبل الجماعات المسلحة، وخاصةً قوات التحرير الرواندية الديمقراطية (FDLR)، التي تتكون من عناصر متورطة في الإبادة الجماعية التي شهدتها البلاد عام 1994. وتربط كيغالي رفع “الإجراءات الدفاعية” التي اتخذتها بتفكيك هذه الجماعات وتأمين حدودها.
الآفاق المستقبلية وتحديات الاستقرار
يهدف الاتفاق إلى تحقيق الاستقرار في منطقة تمزقها الصراعات منذ عقود، لكن نجاحه يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك تنفيذ جميع بنود الاتفاقية بشكل كامل، ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع، وتحقيق المصالحة بين المجتمعات المتضررة.
يجري الآن التركيز على آليات المراقبة والتحقق من وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى جهود نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج للمقاتلين. وتعد الموارد الطبيعية، وخاصةً الكوبالت، من القضايا الشائكة التي تتطلب إدارة شفافة ومسؤولة لضمان استفادة جميع الأطراف منها. يجب أن تتجنب أي صفقات جديدة أو استثمارات في المنطقة تفاقم التوترات أو تمويل المجموعات المسلحة.
من المتوقع أن تستمر قطر في لعب دور الوسيط الرئيسي في هذه العملية، وأن تساهم في توفير الدعم المالي والفني لتنفيذ المشاريع التنموية والاقتصادية. كما أن دور الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية الأخرى سيكون حاسماً في مراقبة الوضع على الأرض وتقديم المساعدة الإنسانية اللازمة.
يبقى الوضع في شرق الكونغو هشاًّ للغاية. وستكون الأيام والأسابيع القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كان هذا الاتفاق سيؤدي إلى تحقيق السلام الدائم أم سيكون مجرد هدنة مؤقتة. ما يجب مراقبته بشكل خاص هو التزام جميع الأطراف بوقف إطلاق النار، ومواصلة الحوار، والعمل معاً لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة. أي انزلاق نحو العنف مرة أخرى سيقوض هذا الجهد ويؤدي إلى المزيد من المعاناة.



