الاقتصاد

النفط السوري.. قصة حزينة لإنتاج ضخم دمرته سنوات الحرب “تقرير تفصيلي” – خليجي نيوز

شهد قطاع النفط في سوريا انهيارًا كبيرًا خلال العقد الماضي؛ إذ تراجع الإنتاج من 406 آلاف برميل يوميًا عام 2008 إلى 40 ألف برميل فقط في عام 2023.

وجاء الانخفاض الحاد نتيجة العقوبات الغربية، الصراع الداخلي، وخسارة السيطرة على معظم الحقول النفطية لصالح أطراف مختلفة.

ويستعرض التقرير التالي تطورات إنتاج النفط السوري على مدى السنوات الماضية، ونحلل أسباب التراجع الكبير، بالإضافة إلى التأثيرات الاقتصادية الناجمة عن ذلك.

 

أولًا: كيف كان إنتاج النفط في سوريا

 

بلغ إنتاج النفط ذروته في سوريا أواخر العقد الأول من الألفية الثالثة، وذلك طبقا لـ”ستاتيستا”، معدل يتجاوز 400 ألف برميل يوميًا. ومع ذلك، بدأت بوادر التراجع في الظهور بعد فرض عقوبات غربية على قطاع النفط السوري، والتي لعبت دورًا أساسيًا في تقليل حجم الصادرات وتعطيل عمليات الإنتاج.

 

إنتاج النفط بين 2008 و2011

  • 2008 : بلغ الإنتاج 406 آلاف برميل يوميًا.
  • 2009: انخفاض طفيف إلى 401 ألف برميل يوميًا.
  • 2010: استمرار التراجع ليصل إلى 385 ألف برميل يوميًا.
  • 2011: مع بداية الأحداث السياسية في سوريا، وصل الإنتاج إلى 353 ألف برميل يوميًا، وهو ما يعد بداية الانهيار الفعلي.

انخفاض حاد بعد 2011

مع اندلاع الأزمة السورية وتزايد العقوبات الغربية، بدأت كبرى الشركات الأجنبية بالانسحاب من السوق السوري، كما أصبحت الحكومة غير قادرة على تصدير النفط بسبب العقوبات المفروضة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، انخفض الإنتاج إلى:

  • 2012: 171 ألف برميل يوميًا.
  • 2013: 59 ألف برميل يوميًا.
  • 2014: 33 ألف برميل يوميًا.
  • 2015: 27 ألف برميل يوميًا.
  • 2016 – 2018: استمر الانخفاض عند مستويات متدنية بين 25 و34 ألف برميل يوميًا.

ثانيًا: العوامل الرئيسة لانهيار إنتاج النفط في سوريا

  1. العقوبات الغربية والأمريكية

منذ عام 2011، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات صارمة على قطاع النفط السوري، ما أدى إلى توقف معظم الشركات الأجنبية عن التعامل مع سوريا. أبرز هذه العقوبات:

  • حظر تصدير النفط السوري إلى الأسواق العالمية، ما قلّل من الإيرادات.
  • منع استيراد التكنولوجيا النفطية الحديثة، ما أدى إلى تراجع عمليات الصيانة والإنتاج.
  • قانون قيصر الأمريكي، الذي فرض عقوبات إضافية على جميع الشركات والدول التي تتعامل مع الحكومة السورية في مجال الطاقة.
  1. فقدان السيطرة على الحقول النفطية

خلال سنوات الحرب، فقدت الحكومة السورية السيطرة على معظم الحقول النفطية الرئيسية في شرق البلاد، مثل تلك الموجودة في دير الزور والحسكة.

استولت قوات قسد “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من الولايات المتحدة على أكبر الحقول النفطية. ما جعل دمشق غير قادرة على الاستفادة من مواردها الطبيعية.

وبعض الحقول الأخرى خضعت لسيطرة الجماعات المسلحة، ما أدى إلى عمليات تهريب النفط وتكريره بطرق بدائية، مما زاد من تراجع القطاع.

  1. تضرر البنية التحتية بسبب الحرب

تعرضت المنشآت النفطية للقصف والتخريب، ما جعل إعادة تأهيلها أمرًا صعبًا ومكلفًا.

أدت الحرب إلى نقص في الأيدي العاملة المتخصصة والمهندسين؛ ما أدى إلى صعوبة في إدارة وتشغيل المنشآت المتبقية.

ثالثًا: تأثير تراجع إنتاج النفط على الاقتصاد السوري

  1. خسائر مالية ضخمة

قبل 2011، كان النفط يشكل نحو 25 % من الناتج المحلي الإجمالي السوري، وكانت الإيرادات النفطية تشكل نحو 40 % من الموازنة العامة للدولة.

مع فقدان الإنتاج، خسرت سوريا مليارات الدولارات سنويًا. كما أصبحت تعتمد بشكل شبه كامل على استيراد النفط من إيران بأسعار مرتفعة.

  1. أزمة وقود حادة

أدى نقص الإنتاج إلى أزمة محروقات خانقة داخل البلاد، حيث ارتفعت أسعار البنزين والمازوت بشكل كبير، ما أثر على جميع القطاعات الاقتصادية.

ظهرت طوابير طويلة أمام محطات الوقود، وأصبحت الحكومة تلجأ إلى سياسات تقنين صارمة، ما أثر على حركة النقل والصناعة.

  1. ارتفاع تكلفة المعيشة

بسبب ارتفاع تكاليف النقل والطاقة، ارتفعت أسعار السلع والخدمات الأساسية، مما أدى إلى تفاقم الأزمة المعيشية لدى المواطنين.

  1. تزايد الاعتماد على الاستيراد

مع توقف الإنتاج المحلي، أصبحت سوريا تعتمد بشكل كبير على الواردات النفطية من إيران، ما زاد من الديون الخارجية وأدى إلى ضغوط اقتصادية كبيرة على الميزانية العامة.

رابعًا: هل هناك أمل في استعادة الإنتاج النفطي؟

  1. تحديات كبيرة أمام الحكومة السورية

رغم محاولات الحكومة السورية استعادة السيطرة على الحقول النفطية، إلا أنها تواجه عدة عقبات، مثل:

استمرار العقوبات الأمريكية والأوروبية، ما يمنع أي استثمارات أجنبية في القطاع.

وجود القوات الأمريكية وقوات “قسد” في مناطق الإنتاج الرئيسية، مما يجعل الوصول إلى هذه الحقول أمرًا معقدًا سياسيًا وعسكريًا.

نقص المعدات والتكنولوجيا الحديثة، مما يصعب إعادة تشغيل المنشآت المتضررة.

  1. محاولات التعاون مع الحلفاء

تحاول الحكومة السورية التعاون مع روسيا وإيران لإعادة تأهيل بعض الحقول، لكن التقدم في هذا المجال لا يزال محدودًا.

هناك تقارير تشير إلى أن بعض الشركات الروسية حصلت على عقود استثمارية في قطاع النفط السوري، لكن تنفيذها يعتمد على الاستقرار الأمني والسياسي.

انهيار النفط في سوريا

تراجع إنتاج النفط في سوريا من 406 آلاف برميل يوميًا عام 2008 إلى 40 ألف برميل فقط عام 2023 يعد واحدًا من أكبر الانهيارات في قطاع الطاقة على مستوى العالم. الأسباب الرئيسة تشمل العقوبات الدولية، فقدان السيطرة على الحقول، الحرب، وتدمير البنية التحتية.

ويعاني الاقتصاد السوري بشدة بسبب هذا التراجع. إذ أدى إلى خسائر مالية ضخمة، أزمات وقود خانقة، وارتفاع تكلفة المعيشة. ورغم محاولات الحكومة استعادة الإنتاج. إلا أن العقوبات والتعقيدات الجيوسياسية تجعل من الصعب تحقيق أي تقدم ملموس في المستقبل القريب.

ما لم يحدث تغيير جذري في الوضع السياسي والاقتصادي، فإن قطاع النفط السوري سيظل يعاني، وسيبقى الاقتصاد السوري في حالة من الأزمة المستمرة نتيجة فقدان هذا المورد الحيوي.

المصدر: ستاتيستا

الرابط المختصر :

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى