الاقتصاد

لماذا قد يصبح 2025 الأخطر على منطقة اليورو؟

يبدو أن أزمات منطقة اليورو الاقتصادية ستظل عرضًا مستمرًا خلال الفترة المقبلة؛ فما أن بدأت المنطقة التعافي من تداعيات جائحة كورونا وأزمة الطاقة والحرب في أوكرانيا؛ لتستيقظ على أزمة جديدة عبر تهديد الرئيس الأمريكي المنتخب فرض رسوم جمركية على السلع الأوربية. وأيضًا إعادة النظر في الاتفاقات التجارية بين أوروبا وأمريكا، في ظل مستهدفها في كبح جماح التضخم.

أزمة كبرى

المشكلة الكبرى في هذا التوقيت أن منطقة اليورو لا تزال تبحث عن التعافي. وبالتالي فإن أي تصعيد تجاري محتمل سيجعلها مهددة بأزمة اقتصادية طاحنة، مصحوبة بحالة من الانكماش في قطاعات محددة؛ مثل السيارات والطاقة والتكنولوجيا.

وفي الوقت نفسه، ستكون خيارات معالجة هذه الأزمة محدودة إلى حد كبير؛ بحسب تقرير نشرته “فاينانشيال تايمز”.

ويشهد الاقتصاد الأوروبي في المرحلة الرهنة حالة من الصعوبات التي تتفاقم في ظل أزمة ضخمة وكبيرة يعاني فيها أكبر اقتصادين في أوروبا ألمانيا وفرنسا، صاحبها حالة من التباطؤ في النمو الاقتصادي وتراجع القدرة التنافسية. وذلك مقارنة باقتصادات كبرى مثل الولايات المتحدة. في وقت تعاني فيها المنطقة من تحديات هيكلية كبيرة تحتاج إلى تدخل ومعالجة عاجلة.

فرنسا وألمانيا

ولأول مرة في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية تصاحب الأزمة الاقتصادية أخرى سياسية. ففي فرنسا والمانيا الدولتان اللتان تشكلان نصف اقتصاد منطقة اليورو؛ ألمانيا تعاني من حالة من الانقسامات الكبرى بداخل الائتلاف الحاكم بقيادة المستشار أولاف شولتس. وهذا ما نتج عنه الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة في فبراير.

أما فرنسا فاستقالة رئيس الوزراء ميشيل بارنيه بعد حجب الثقة منه هو الآخر؛ مثل تحديًا كبيرًا للاقتصاد الفرنسي.

وبذلك فاقتصاد الاتحاد الأوروبي في مأزق كبير، خصوصًا وأن النمو الاقتصادي لكل من ألمانيا وفرنسا كان يمثل في القريب العاجل حجر الزاوية والأساس الذي ينمو عليه الاقتصاد الأوروبي بالكامل.

النمو والتضخم

وبالنسبة للتوقعات الاقتصادية؛ فتشير الأرقام إلى أن النمو في فرنسا هذا العام سيكون متواضعًا؛ حيث لن يصل إلى نسبة أكثر من 1.1%. بينما الاقتصاد الألماني ففي حالة أسواء، ومن المتوقع انكماشه بنسبة 0.1%؛ فهو في تراجع مستمر للعام الثاني على التوالي. ويصاحب ذلك نقص العمالة الماهرة، والبيروقراطية المرهقة، وارتفاع أسعار الطاقة. وكلها تعوق التعافي الاقتصادي.

وبحسب التقرير؛ فإن شركة إدارة الاستثمارات “بيمكو” الأمريكية أكدت أن الحرب التجارية التي أطلق رحاها الرئيس الأمريكي، سيكون من شأنها تحول منطقة اليورو إلى سياسة خفض الفائدة بمستويات سلبية تضر الاقتصاد.

وارتفع معدل التضخم في نوفمبر الماضي بنسبة 2.3% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. وهو الارتفاع الأكبر منذ شهور ويضع مزيدًا من الضغوط على المستهلكين والشركات. كما يرفع من مستوى التحدي الذي يواجهه المركزي الأوروبي للسيطرة على معدله والعمل على ثبات الأسعار.

بدوره، قال طارق الرفاعي؛ الرئيس التنفيذي لمركز كوروم للدراسات الاستراتيجية، إن اقتصاد منطقة اليورو يشهد في المرحلة الحالية حالة من التراجع وضعف النمو. وبالتالي فإن نشوب أي حرب تجارية يعتبر أمرًا حساسًا للغاية.

أزمة عميقة

وأضاف “الرفاعي”، في تصريحات خاصة لـ”الاقتصاد اليوم”، أن ما يعمق من تأثير الخطر على الاقتصاد الأوروبي بالكامل هو أن منطقة اليورو تعتمد كثيرًا على صادراتها للولايات المتحدة.

وبالتالي فإن فرض أي رسوم أو إشعال حرب تجارية بأي شكل سيجعل المنطقة تعاني بشكل كبير، وقد يتسبب في أزمة اقتصادية عالمية.

وتابع رئيس “كوروم” أن الدول الصناعية الأوروبية الكبرى والتي تعتمد على الصناعة في عملية نموها مثل ألمانيا ستكون من أشد المتأثرين بهذا الوضع. وإذا ما أضفنا إلى ذلك حالة الانكماش الذي يحيط باقتصادها من فترة؛ فإن الأزمة ستكون كبرى وتأثيرها أشد.

وأشار “الرفاعي” إلى أن وصول الاقتصاد الأوروبي إلى معدل التضخم المستهدف بـ 2% من قبل المركزي الأوروبي؛ إلا أن سياسة خفض الفائدة ستستمر محاولة منه في دعم الاقتصادات التي عانت الأمرين في السنوات الماضية؛ ما بين الحرب الروسية الأوكرانية والتوترات الجيوسياسية التي تشهد منطقة الشرق الأوسط وأثرت على العالم أجمع.

وتوقع كبير خبراء الاقتصاد في البنك المركزي الأوروبي، فيليب لين، في تصريحات له الشهر الماضي، حجم الضرر المتوقع للناتج الإجمالي بالاقتصاد الأوروبي بنسبة تصل إلى 2%. وذلك إذا حدث فرض قيود جزئية على التجارة، ومعرضة للارتفاع إلى 10% حال القيود الكاملة.

الرسوم الجمركية

ومن جانبه، قال جو يارك، رئيس الأسواق العالمية في Cedra Markets، إن منطقة اليورو تعاني حاليًا من التراجع والانكماش. كما أعرب عن قلقه من فرض الولايات المتحدة، الشريك التجاري الرئيسي للاتحاد الأوروبي، رسومًا جمركية جديدة على الواردات الأوروبية.

الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي

وأضاف “يارك”، في تصريحات خاصة لـ”الاقتصاد اليوم”، أن التوقعات تشير إلى أن فرض رسوم جمركية من قبل ترامب على أوروبا. ويؤدي ذلك إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي لأوروبا بنسبة تصل إلى 1%. كما أن حالة الضعف التي تعاني منها أوروبا تحاصر المركزي الأوروبي في اختياراته ويكون خفض الفائدة هو الخيار الوحيد.

وأشار “يارك” إلى أن ذلك يتزامن مع ما تشهده أوروبا حالة من عدم الاستقرار السياسي المصاحب للاقتصادي. فالاقتصاد الألماني يعاني من الانكماش. كما أن فرنسا حجم دينها مرتفع. وإيطاليا هي الأخرى بدأت أزمتها الاقتصادية تلوح في الأفق.

وتوقع “يارك” أن يخفض المركزي الفائدة بنحو 100 نقطة أساس في عام 2025. وذلك بهدف البعد عن دخول اوروبا منطقة الانهيار والركود الاقتصادي.

الرابط المختصر :

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى