إستراتيجية السعودية للذكاء الاصطناعي التوليدي.. ثلاثة محاور لتحقيق الريادة – خليجي نيوز

كشفت المملكة العربية السعودية عن إستراتيجية متكاملة للذكاء الاصطناعي التوليدي، تستند إلى ثلاثة محاور رئيسية طموحة. تهدف هذه الاستراتيجية، وفقًا لتصريحات وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، إلى جذب المبتكرين والمستثمرين العالميين، والمساهمة الفعالة في تطوير هذه التقنية الثورية، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030.
وتأتي هذه الإستراتيجية في وقت يشهد فيه العالم تحولُا نوعيُا مدفوعُا بالذكاء الاصطناعي، الذي يمثل قفزة هائلة في قدرة الآلات على الإبداع والابتكار، وإنتاج محتوى جديد بشكل مستقل، سواء كان نصاً، صوراً، أصواتاً، أو حتى أكواد برمجية.
وإدراكًا منها للإمكانيات الهائلة لهذه التقنية في تغيير ملامح الاقتصاد والمجتمع، تسعى المملكة إلى أن تكون في طليعة الدول التي تستثمر في هذا المجال الحيوي وتستفيد من تطبيقاته المتنوعة.

المحور الأول: السعودية مستثمر إستراتيجي ومالي في تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي
يرتكز المحور الأول من الإستراتيجية السعودية على تحويل المملكة إلى قوة استثمارية رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي. ويتضمن هذا المحور عدة جوانب رئيسة:
جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة: تسعى المملكة إلى استقطاب الشركات العالمية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. وتشجيعها على إنشاء مراكز بحث وتطوير ومقرات إقليمية في المملكة. يتم ذلك من خلال تقديم حزمة من الحوافز والتسهيلات الاستثمارية. بما في ذلك المناطق الاقتصادية الخاصة، والإعفاءات الضريبية، والدعم المالي للمشاريع المبتكرة.
تمويل الشركات الناشئة والمبتكرين المحليين: تولي الاستراتيجية اهتمامًا خاصًا بدعم الشركات الناشئة السعودية والمبتكرين المحليين في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ويتم ذلك من خلال إنشاء صناديق استثمارية متخصصة، وتقديم منح وبرامج تمويلية. وتوفير حاضنات ومسرعات أعمال لدعم نمو هذه الشركات وتمكينها من المنافسة عالميًا.
الاستثمار في البنية التحتية الرقمية: تدرك المملكة أن تطوير الذكاء الاصطناعي يتطلب بنية تحتية رقمية متطورة وقوية؛ لذلك، تعمل الاستراتيجية على تعزيز البنية التحتية الرقمية في المملكة.
بما في ذلك شبكات الجيل الخامس فائقة السرعة. ومراكز البيانات الضخمة، والحوسبة السحابية المتقدمة، لتهيئة البيئة المناسبة لتطوير ونشر تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

المحور الثاني: المملكة جزء من سلسلة القيمة العالمية للذكاء الاصطناعي التوليدي
ينطلق المحور الثاني من الإستراتيجية من المزايا التنافسية التي تتمتع بها المملكة. وعلى رأسها إمكاناتها الهائلة في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة. ويهدف هذا المحور إلى دمج المملكة في سلسلة القيمة العالمية للذكاء الاصطناعي، من خلال:
الاستفادة من الطاقة النظيفة والمتجددة: تعتزم المملكة استغلال مواردها الهائلة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. في تشغيل مراكز البيانات الضخمة التي تعتبر أساسية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
هذا التوجه يمنح المملكة ميزة تنافسية كبيرة، بينما يمكنها توفير طاقة نظيفة ومستدامة لتشغيل هذه التقنيات كثيفة الاستهلاك للطاقة. في وقت يتزايد فيه الاهتمام العالمي بالاستدامة والحد من الانبعاثات الكربونية.
توطين صناعة مكونات الذكاء الاصطناعي: تسعى الإستراتيجية إلى توطين صناعة بعض مكونات الذكاء الاصطناعي التوليدي في المملكة؛ مثل أشباه الموصلات المتخصصة، ومعدات مراكز البيانات، وبرمجيات الذكاء الاصطناعي.
هذا التوجه يهدف إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي للمملكة في هذا المجال الحيوي، وتقليل الاعتماد على الاستيراد. وخلق فرص عمل جديدة في الصناعات التقنية المتقدمة.
تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاعات الطاقة: تعتزم المملكة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي في تطوير قطاعات الطاقة. بما في ذلك تحسين كفاءة إنتاج النفط والغاز، وتطوير حلول الطاقة المتجددة، وإدارة شبكات الطاقة الذكية.
هذا التوجه يهدف إلى تعزيز ريادة المملكة في قطاع الطاقة العالمي، وتحقيق أهداف الاستدامة والتنويع الاقتصادي.
المحور الثالث: القطاعان العام والخاص كمستخدمين مؤثرين للذكاء الاصطناعي
يركز المحور الثالث من الاستراتيجية على تحفيز القطاعين العام والخاص في المملكة. ليصبحا من المستخدمين المؤثرين لتقنية الذكاء الاصطناعي. ويتضمن هذا المحور:
تطوير الخدمات الحكومية الذكية: تسعى الحكومة السعودية إلى دمج الذكاء الاصطناعي في تطوير الخدمات الحكومية الذكية. وذلك بهدف تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين، وزيادة كفاءة العمليات الحكومية، وتقليل التكاليف. تشمل التطبيقات المحتملة، على سبيل المثال. تطوير مساعدين افتراضيين للإجابة على استفسارات المواطنين، وتحسين عمليات اتخاذ القرارات الحكومية، وتطوير أنظمة تعليم وتدريب ذكية.
تمكين القطاع الخاص وتطوير الصناعات: تهدف الاستراتيجية إلى تمكين القطاع الخاص السعودي من تبني تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الاقتصادية، مثل الصناعة، والتجارة، والسياحة، والترفيه، والخدمات المالية، والرعاية الصحية، والتعليم.
ويتم ذلك من خلال توفير برامج تدريب وتأهيل للكوادر الوطنية، وتقديم الدعم الفني والاستشاري للشركات، وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي.
بناء القدرات الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي: تولي الإستراتيجية اهتمامًا كبيرًا ببناء القدرات الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي. من خلال تطوير المناهج التعليمية والتدريبية في الجامعات والمعاهد السعودية. وتقديم برامج متخصصة لتأهيل الكوادر الوطنية في هذا المجال الحيوي.
ويهدف هذا التوجه إلى ضمان وجود قاعدة قوية من الكفاءات الوطنية القادرة على قيادة تطوير ونشر تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي في المملكة.

جهود المملكة في مجال الذكاء الاصطناعي
وتأتي هذه الإستراتيجية الطموحة للذكاء الاصطناعي التوليدي في سياق جهود أوسع تبذلها المملكة في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل عام. فقد أطلقت المملكة “الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي” في عام 2020، والتي تهدف إلى جعل المملكة رائدة عالميًا في هذا المجال بحلول عام 2030.
كما تشمل هذه الإستراتيجية مجموعة واسعة من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى تطوير القدرات الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي. وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال، وتنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي ومسؤول.
وأنشأت المملكة “الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي” (سدايا) لتكون الجهة الحكومية المسؤولة عن قيادة جهود المملكة في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي.
بينما تقوم “سدايا” بدور محوري في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي. كما تعمل على تنسيق الجهود بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة والأكاديمية في هذا المجال.

مستقبل واعد للذكاء الاصطناعي في المملكة
ومن خلال هذه الإستراتيجية الشاملة والمتكاملة للذكاء الاصطناعي التوليدي. كما تؤكد المملكة العربية السعودية عزمها على أن تكون في طليعة الدول الرائدة في هذا المجال الحيوي. وبفضل رؤيتها الطموحة، واستثماراتها الكبيرة، وإمكاناتها المتميزة، تستعد المملكة لتحقيق قفزة نوعية في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي.
علاوة على المساهمة بفاعلية في رسم ملامح المستقبل التكنولوجي والاقتصادي العالمي. كما أنه من المتوقع أن يكون لهذه الإستراتيجية أثر كبير في تعزيز التنوع الاقتصادي، وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين جودة الحياة في المملكة، وترسيخ مكانتها كمركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا.
الرابط المختصر :