الخبير الأثري جلال رفاعي في حواره لـ “الاقتصاد اليوم”: قطاع السياحة ركيزة أساسية في رؤية المملكة 2030 – خليجي نيوز

قال الدكتور جلال رفاعي؛ الخبير الأثري في علم المتاحف والتراث الإنساني، نائب مدير متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية، أن قطاع السياحة يمثل ركيزة أساسية في رؤية 2030، التي تعد بمثابة خريطة طريق لتحقيق تنويع اقتصادي مستدام.
وأضاف أن المملكة تسعى إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادة الإيرادات غير النفطية، إلى جانب الحفاظ على التراث الثقافي والحضاري للمملكة، وتسليط الضوء على أهميته في جذب السياح وتعزيز الهوية الوطنية.
وأضاف الخبير الأثري، في حواره لـ”الاقتصاد اليوم”، أن المملكة حققت قفزة غير مسبوقة في قطاع السياحة، متصدرة دول مجموعة العشرين في نمو عدد السياح والإيرادات خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019، وشهد القطاع نموًا ملحوظًا بنسبة 73 % في عدد السياح و207 % في الإيرادات؛ ما يعكس نجاح الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد وتطوير قطاع الخدمات، حيث برز قطاع السياحة كمحرك رئيسي للنمو.
وأكد “رفاعي” أن المملكة تعتمد على إستراتيجية شاملة لتنويع اقتصادها وتطوير قطاع السياحة بشكل مستدام من خلال مبادرات مثل تمكين الوجهات السياحية، إذ تسعى إلى بناء نظام بيئي سياحي متنوع يوفر تجربة فريدة ومميزة للزوار، ويوفر برنامج الممكنات الاستثمارية في القطاع السياحي بيئة جاذبة للاستثمارات؛ ما يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتعزيز مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية، وإلى نص الحوار:
كيف تقرأ مستقبل قطاع السياحة في المملكة وفق رؤية 2030؟
تعتبر رؤية المملكة 2030 خريطة طريق طموح لتحقيق تنويع اقتصادي مستدام، حيث يمثل قطاع السياحة ركيزة أساسية في هذه الرؤية، وتسعى المملكة من خلال هذا القطاع إلى تعزيز مكانته على الخريطة السياحية العالمية، وذلك من خلال تطوير البنية التحتية السياحية، وتنويع المنتجات السياحية، وتسهيل إجراءات السفر، بهدف جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادة الإيرادات غير النفطية، كما تهدف الرؤية إلى الحفاظ على التراث الثقافي والحضاري للمملكة، وتسليط الضوء على أهميته في جذب السياح وتعزيز الهوية الوطنية.
وتتلاقى محاور رؤية 2023 الثلاثة: المجتمع الحيوي، والاقتصاد المزدهر، والوطن الطموح. في قطاع السياحة والإرث فمن خلال هذا القطاع، تسعى المملكة إلى بناء مجتمع حيوي يفتخر بتراثه، واقتصاد مزدهر قائم على تنويع الدخل. ووطن طموح يقود التنمية في المنطقة، إذ كانت المملكة مهدًا للحضارات. وشهدت تلاقح الثقافات عبر تاريخها العريق، وقد أدركت الرؤية أهمية هذا الإرث الغني، فحرصت على الحفاظ عليه وتعزيزه. وذلك من خلال: غرس الهوية الوطنية في نفوس الأجيال القادمة، وتعزيز القيم والمبادئ العربية والإسلامية، والعناية باللغة العربية. وإقامة الفعاليات الثقافية المتنوعة، إلى جانب إبراز الدور الحضاري للمملكة عبر إحياء المواقع الأثرية والتاريخية، وتسجيلها عالميًا، لتصبح شاهدًا حيًا على تاريخها العريق.
ولتحقيق هذا الهدف، ركزت الرؤية على تطوير قطاع السياحة والترفيه بشكل كبير، وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات الاستراتيجية التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل الوطني. وجذب الاستثمارات، وتطوير البنية التحتية السياحية، وتسهيل إجراءات السفر، بالإضافة إلى الحفاظ على التراث الثقافي والحضاري للمملكة.

كيف تفسر تصدر المملكة قائمة دول مجموعة العشرين في نمو إيرادات قطاع السياحة الدولية؟
حققت المملكة قفزة نوعية في قطاع السياحة، متصدرة دول مجموعة العشرين في نمو عدد السياح والإيرادات خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024. مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019. وشهد القطاع نموًا ملحوظًا بنسبة 73 % في عدد السياح و207 % في الإيرادات. ما يعكس نجاح الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد وتطوير قطاع الخدمات. حيث برز قطاع السياحة كمحرك رئيسي للنمو.
وتؤكد رؤية المملكة 2030 على أهمية إشراك المجتمع المحلي في تطوير قطاع السياحة. وذلك يتضح من نجاح تجربتي الدرعية والعلا، إذ تسعى المملكة من خلال تخصيص استثمارات ضخمة في عام 2024. بلغت نحو 375 مليون ريال والتي تشمل تدريب المرشدين السياحيين المحليين، إلى تمكين المجتمعات المحلية من المشاركة الفاعلة في هذا القطاع الواعد. ومن خلال التركيز على تنمية مهارات الشباب، تسعى المملكة إلى بناء جيل جديد من رواد الأعمال في قطاع السياحة. قادر على تسويق تراثنا العريق وإمكاناتنا الطبيعية بشكل مبتكر.
وتعد المرأة قوة دافعة رئيسة في نمو قطاع السياحة في المملكة، فقد شهدت مشاركتها في هذا القطاع نموًا ملحوظًا. حيث احتلت المملكة المرتبة الخامسة عالميًا بين دول مجموعة العشرين في عام 2022 من حيث نمو وظائف النساء في هذا القطاع.
ما مقومات قطاع السياحة لجعل المملكة وجهة جاذبة للسياح؟
وضعت المملكة السياحة في صميم رؤيتها 2030، مستغلةً تنوعها الجغرافي والثقافي الغني، فمن خلال إحياء المواقع التاريخية والتراثية، وتطوير البنية التحتية السياحية، وتسعى إلى جذب السياح من جميع أنحاء العالم، وتقديم تجارب سياحية فريدة تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
وتتمتع المملكة بإرث ديني وثقافي غني، جعلها قبلة للملايين من الحجاج والمعتمرين حول العالم، إذ أثبتت قدرتها على الحفاظ على تراثها العريق، حيث تم إدراج العديد من مواقعها التاريخية على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو،
ففي عام 2008، توجت جهودها بحصول مدينة الحِجر (مدائن صالح) على لقب موقع تراث عالمي، لتكون بذلك أول موقع سعودي ينضم إلى هذه القائمة المرموقة، تبع ذلك إدراج مدينة الدرعية عام 2010، ثم مدينة جدة التاريخية عام 2014، وصولاً إلى إدراج الفنون الصخرية في منطقة حائل عام 2015، هذه الإنجازات المتتالية تؤكد الثراء التاريخي والحضاري للمملكة، وتعكس التزامها بالحفاظ على تراثها وتقديمه للعالم.
كما تتمتع المملكة بمقومات طبيعية خلابة، حيث تمتد سواحلها الرملية على الخليج العربي والبحر الأحمر، وتضم صحاري واسعة وجبال شاهقة؛ ما يوفر بيئة مثالية لممارسة العديد من الأنشطة السياحية، مثل الغوص، والتخييم، وركوب الدراجات النارية.
وتكتمل المقومات السياحية في المملكة بفضل بنية تحتية متطورة ترتقي بأعلى المعايير العالمية، حيث توفر شبكات مواصلات متكاملة ومرافق حديثة وخدمات متميزة؛ ما يضمن تجربة سياحية مريحة وعالية الجودة للزوار.
وتتميز المملكة بتنوعٍ كبير في مقاصدها السياحية، فإلى جانب العاصمة الرياض النابضة بالحياة، والتي تجمع بين الحداثة والتراث، تمتلك المملكة مكة المكرمة والمدينة المنورة، اللتين تحتضنان أقدس الأماكن في الإسلام، وتستقطبان ملايين الزوار سنويًا، تشتهر أيضًا بمدائن صالح، تلك المدينة النبطية القديمة التي تحكي قصة حضارة عريقة، وبواديها الخلابة التي تقدم تجربة فريدة للاسترخاء والاستكشاف، ويوجد بالقرب من مدينة العلا واحات جميلة، ومتاحف، وأطلال مدينة الخريبة والمقابر.
دور المتاحف أهميتها
وتلعب المتاحف دورًا مهمًا فهي ذاكرة الشعوب الحيَّة التي تعمل على ربط الحاضر بالماضي، ومنبر من منابر نشر الوعي الحضاري، والتعليم والثقافة في المجتمع، وتتميز بأنها واجهة حضارية ودليل سياحي للزائرين، حيث إن السعودية تحتوي على أكثر من 206 متاحف من المتاحف الحكومية والخاصة الثقافية والتعليمية والتراثية، التي تحتوي على فنون بصرية وعروض مرئية وسمعية واستضافات ثقافية وحوارية.
يشهد قطاع المتاحف نموًا ملحوظًا وتنوعًا كبيرًا، فإلى جانب المتحف الوطني في الرياض كمركز رئيسي، تم إنشاء شبكة واسعة من المتاحف الإقليمية والمحلية التي تغطي مختلف مناطق المملكة، وتشمل هذه الشبكة خمسة متاحف إقليمية رئيسية في الدمام، الباحة، أبها، حائل، وتبوك، بالإضافة إلى ستة متاحف أخرى تم تطويرها في: تيماء، نجران، جازان، الأحساء، العلا، والجوف، وجرى ترميم وتوظيف 15 مبنى أثريًا كمتاحف محلية، مما يساهم في الحفاظ على التراث الثقافي لكل منطقة، علاوة على ذلك، قدمت الهيئة المعنية بالمتاحف دعمًا كبيرًا للمتاحف الخاصة، حيث منحت تراخيص لأكثر من 131 متحفًا خاصًا في جميع أنحاء المملكة.

هل تتمتع المملكة بفرص واعدة فى الاستثمار في قطاع السياحة؟
تعتمد المملكة على استراتيجية شاملة لتنويع اقتصادها وتطوير قطاع السياحة بشكل مستدام من خلال مبادرات مثل تمكين الوجهات السياحية، إذ تسعى إلى بناء نظام بيئي سياحي متنوع يوفر تجربة فريدة ومميزة للزوار، ويوفر برنامج الممكنات الاستثمارية في القطاع السياحي بيئة جاذبة للاستثمارات؛ ما يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتعزيز مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية.
وتأتي مبادرة الممكنات الاستثمارية في قطاع الضيافة، ضمن البرنامج تشتمل على فرص متعددة للمستثمرين للاستثمار في مرافق الضيافة بالمملكة، حيث تهدف لتعزيز القدرة الاستيعابية للسكن بشكل كبير في المناطق السياحية الرئيسية، ودفع الاستثمارات الخاصة إلى 42 مليار ريال (11 مليار دولار)، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي السنوي بمقدار 16 مليار ريال (43 مليارات دولار) بحلول عام 2030، وتسعى هذه المبادرة أيضًا إلى خلق 120 ألف فرصة عمل جديدة، بما يدعم أهداف التنويع الاقتصادي الأوسع نطاقًا في المملكة، وإلى جانب ذلك تقدم عددًا من الحوافز الرئيسية مثل: الإعفاءات الضريبية للشركات، وتخفيضات ضريبة القيمة المضافة، والوصول إلى الأراضي المملوكة للحكومة بشروط مناسبة؛ ما يجعل دخول القطاع الخاص إلى السوق أسهل وأكثر فاعلية من حيث التكلفة.
علاوة على الدعوة التي قدمتها وزارة السياحة للقطاع الخاص من جميع أنحاء العالم لاغتنام الفرصة المُتاحة ليكونوا جزءًا من هذا التطور الكبير الذي يشهده قطاع السياحة في المملكة، في ظل ما تمتلكه من مقومات وإمكانات سياحية تتمثل البنية التحتية القوية، والموقع الاستراتيجي، والتزامها الثابت بالنمو المُستدام، بالإضافة إلى تراثها الأثري والتراثي.
ما المواقع السياحية والأثرية الأكثر جاذبية للاستثمار السياحي؟
تمتاز السعودية بالعديد من المواقع الأثرية والمناطق الطبيعية البكر، على سبيل المثال مدينة العلا التي تعد تلك المدينة الوجهة السياحية الأشهر في السعودية، فالمنطقة تقع في الشمال الغربي للمملكة، وتضم العديد من الآثار المذهلة مثل مدائن صالح التي بها آثار ترجع إلى ما قبل التاريخ مثل الرسوم الصخرية، ومقابر مملكة الأنباط التي يبلغ عمرها 2000 عام مالديف السعودية وهي توجد في المملكة مجموعة من الجزر الطبيعية التي لم تمسسها الأيادي حتى الآن وهي قريبة من مدينة أملج والوجه، لكنها أيضا مغلقة جزئيا، في ظل خطط التطوير السياحي بالمملكة في إطار مشروع البحر الأحمر ولا ننسى العنصر البشري المتمثل في سكان المنطقة حيث يمكن الاستعانة بهم لاستكشاف المياه الفيروزية والشعب المرجانية لمشاهدة النسخة السعودية من جزر المالديف.
وخلال فصل الشتاء يمكنك رؤية الدلافين هناك وتتميز البنية التحتية في المنطقة ببساطتها، لكن الضيافة لا مثيل لها. إلى جانب جبال عسير التي تقع بعيدًا عن العاصمة الرياض. ويستطيع السياح الاستمتاع بالمساحات الخضراء التي تجلبها العواصف الصيفية الممطرة إلى جبال عسير. راسمة مناظر خلابة أمام أعين المصطافين وهناك العديد من الأنشطة الأخرى مثل تسلق الجبال وممارسة رياضة السفاري. وزيارة محافظة رجال ألمع التاريخية منحدر حافة العالم الذي يوجد في العاصمة الرياض العديد من المواقع السياحية التي يمكن استكشافها. بدءا من الأسواق التقليدية مثل سوق طيبة الشعبي وسوق الزل، إلى منطقة ديرة التاريخية التي كانت تعد منطقة الحكم، وتوجد في الرياض مناطق أخرى تستحق الزيارة مثل منحدر العالم، الذي يبعد ساعتين من وسط العاصمة، والذي يعد مقصدًا في العطلات للمقيمين ومنحدر العالم يقع على جبل، ويوفر منظرًا طبيعيًا خلابًا مطلًا على واد يبدو للناظرين أنه لا نهاية له، الذي سمي منحدر نهاية العالم أرض المستقبل.
وهل ترى أن “نيوم” انطلاقة مستقبل المملكة في قطاع السياحة؟
يهدف صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء. إلى تحويل المنطقة الشمالية الغربية إلى أرض للمستقبل الجديد عبر إنشاء مدينة نيوم. إذ خصص لها استثمارات تبلغ 500 مليار دولار، بهدف تهيئتها لاجتذاب استثمارات متنوعة في مختلف القطاعات وتزخر المنطقة التابعة لتبوك. بالعديد من المناظر الطبيعية التي تجذب إليها المقيمين في المملكة وهناك أيضا مضيق “طيب اسم” الذي يجمع تضاريس نادرة. حيث تطوقه الجبال من الجانبين، وتجري عيون المياه في وسطه، ويعتقد باحثون أن هذا الموقع هو الذي عبر منه النبي موسى عليه السلام هربًا من فرعون. إذ عندما ضرب بعصاه البحر انحسر الماء، وظهر خليج العقبة واحة الأحساء هي أكبر واحات السعودية. وتقع في شرق المملكة، ويمكن الوصول إليها من الرياض عبر القطار أو الطائرة وتسمى المنطقة الحضرية في الأحساء. الهفوف، والتي يمكن للزائرين استكشاف العديد من المناطق بها، مثل كهوف جبل القارة والتي تظل باردة خلال فصل الصيف، وسوق القيصرية التاريخي.
وتقع نيوم شمال غرب السعودية في منطقة تبوك، ليمتد على سواحل البحر الأحمر بمسافة 460 كيلومتر مربع تصل مساحة نيوم إلى حوالي 26 ألف كيلومتر مربع تحتضن نيوم مشروع يضم أراضي متاخمة للحدود المصرية والأردنية. وبذلك يكون خليج العقبة الأردني ومياه البحر الأحمر تحده شمالاً وغربًا. ويتأخم المشروع جزيرة شبه جزيرة سيناء المصرية، لذا يتمتع موقع منطقة نيوم بمميزات استراتيجية عديدة. مثل حقيقة كون مشروع الرؤية الوطنية نيوم قريب لجميع الأسواق العالمية ناهيك عن كون خريطة مشروع نيوم تعد منطقة استراتيجية بين ثلاث دول عربية (السعودية، مصر، الأردن). قريبة من مسارات التجارة العالمية لن تجد حول العالم مثل هذا الموقع. بين 3 دول مهمة. وعلى الجانب الشمالي الغربي للمملكة، وتحيطه الجبال التي ترتفع لأكثر من 2500م عن مستوى سطح البحر، ما جعله موقعًا ممتازًا للتبادل الثقافي والتجاري والعلمي.
هل تعد هيئة الترفيه أحد أدوات رؤية 2030 لتنشيط قطاع السياحة؟
الهيئة العامة للترفيه، هي أحد أهم أدوات تحقيق رؤية المملكة 2030؛ حيث تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال توفير فرص عمل. ودعم رواد الأعمال، وتعزيز التنمية الاجتماعية والثقافية، وتعمل على بناء قطاع ترفيهي مستدام. يساهم في تنويع الاقتصاد، وتحسين جودة الحياة، وتعزيز مكانة المملكة على الخريطة السياحية العالمية.
هل تسهم جهود المملكة في زيادة مواقعها الأثرية المسجلة لدى اليونسكو وتعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية؟
نجاح المملكة في تسجيل مواقعها التراثية، يؤكد التزامها بالحفاظ على تراثها الثقافي الغني. بالتوازي مع أهميته لدى اليونسكو، من واقع ما تمثله من قيمة عالمية استثنائية، والتزام الدول الأعضاء بالحفاظ على التراث الحضاري وحمايته. وثراء التراث الثقافي للدولة، إلى جانب مستقبل المواقع في جذب الأنشطة السياحية والثقافية وعلى مدى ربع قرن. إذ كللت الجهود الوطنية بتسجيل 8 مواقع وهي: موقع الحِجر الأثري (1429هـ/ 2008م). وحي الطريف بالدرعية التاريخية (1431هـ/ 2010م)، وجدة التاريخية (1435هـ/ 2014م). وموقع الفنون الصخرية بمنطقة حائل (1436هـ/ 2015م)، وواحة الأحساء (1439 هـ/ 2018م)، ومنطقة حمى الثقافية (1442هـ/ 2021م). ومحمية عروق بني معارض (1445هـ/ 2023م)، بالإضافة إلى التسجيل الحالي المتمثل في المنظر الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية (1446هـ/ 2024م).
ويعكس تسجيل المواقع السعودية في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”. العمق التاريخي للمملكة، ودورها الريادي في خدمة التراث الإنساني العالمي المشترك. تحت مظلة رؤية المملكة 2030، التي تولي الاعتزاز بالهوية الوطنية اهتمامًا كبيرًا، خاصة أن التراث الوطني يعد أحد مكوناتها الرئيسة. وتساهم هذه المواقع الأثرية في تنويع الخيارات السياحية. حيث تلبي رغبة السياح في تجاوز الأماكن السياحية التقليدية والانغماس في تجربة ثقافية أصيلة. وتعتبر هذه المواقع عنصرًا حيويًا في جذب السياحة الثقافية والتراثية.
كيف كانت المملكة نقطة التقاء مع الحضارات القديمة؟
أكدت الآثار المكتشفة في المملكة أن شبه الجزيرة العربية -التي تشكّل المملكة ثلثي مساحتها-. كانت من أقدم مناطق الاستيطان البشري في العالم؛ حيث استوطنها الإنسان قبل 12 مليون سنة. ودخل المستوطنون في علاقات بعيدة المدى توسعت فيما بعد إلى بلاد الرافدين، وسوريا. وحضارات منطقة البحر الأبيض المتوسط مثل الحضارة الأغريقية والرومانية. وأسهمت هذه الأنشطة في خلق مناخ اقتصادي قوي ومراكز تجارية كبيرة جعلت منها ملتقى لمختلف الحضارات عبر العصور. وحتى تتكامل صورة المملكة قديمًا وحديثًا. أوضح كتاب صادر من قطاع التراث الوطني بعنوان (المملكة ملتقى الحضارات) أن النتائج العلمية للمسوحات والتنقيبات الأثرية الأخيرة في مختلف مناطق المملكة. كشفت عن أبعاد مهمة في معرفة الإرث الحضاري لها، إذ توصلت الفرق العلمية السعودية، والبعثات العلمية الأجنبية. إلى حقائق مذهلة تؤكد أن المملكة كانت نقطة التقاء العديد من الحضارات القديمة التي أثرت في التاريخ البشري.
كما أثبتت المكتشفات الأثرية أن بداية الاستيطان البشري في أرض المملكة يعود إلى العصر الحجري القديم. الأسفل منذ مليون ومئتي ألف سنة قبل الوقت الحاضر. ومن الدلائل على ذلك «موقع الشويحطية» الذي يقع على بعد 30 كم شمال مدينة سكاكا بمنطقة الجوف شمال المملكة. وتوضح الكثير من المكتشفات الأخرى آثار الحضارات التي تعاقبت في شبه الجزيرة العربية والمستوطنات البشرية التي تواجدت على أرضها منذ عصور ما قبل التاريخ. وفي هذا الإطار جرى إحصاء وتسجيل نحو 8000 موقع آثري في مناطق المملكة.
ما دلالات اكتشاف نقوش بعثة تجارية للملك رمسيس الثالث في واحة تيماء؟
يعتبر اكتشاف نقش هيروغليفي على صخرة ثابتة، تحمل توقيع الملك رمسيس الثالث أحد ملوك الفراعنة في واحة تيماء التاريخية. التي تعد أكبر المواقع الأثرية في السعودية والجزيرة العربية، بمثابة دليل قاطع على وجود علاقات تاريخية قديمة بين مصر والمملكة. ويؤكد أيضًا أن الواحة كانت تقع ضمن طريق تجاري للفراعنة في عهد رمسيس الثالث. وسجل أحد أفراد القافلة رحلته وتواجده فيها برسم نقش للملك الذي كان يحمل 5 ألقاب وقتها منها أوسرو. وماعت رع وميسوبيني، والس راع، إذ يسجل الفراعنة رحلاتهم وغزواتهم عبر الطرق التي يسيرون فيها بنقش رسومات لملوكهم. وجرى الكشف عن هذه النقوش في عدة مدن عربية، وتحديدًا ببلاد الشام وحتى تركيا. فالفراعنة في عهد رمسيس الثاني استولوا على بلاد الشام حتى حدود تركيا واستمر حكمهم فيها نحو 400 عام.
ولذلك فإن الشواهد التي تؤكد وجود حياة سابقة للفراعنة في منطقة ما، وإقامتهم واستيطانهم فيها. هو وجود معابد أو مقابر أو وسائل حياة لهم بها، مؤكداً أن وجود نقش فقط في تيماء. يعني أن الفراعنة مروا منها فقط، ولم يستوطنوا فيها أو يستعمروها، وتوصل علماءُ الآثار السعوديون. من خلال بحوث ميدانية إلى طريق تجاري مباشر يربط وادي النيل بتيماء كانت تسلكه القوافل التجارية المصرية. ما يعني أن واحة تيماء كانت في طريق للقوافل التجارية المصرية المتجه إلى الأردن، وكان يبدأ من مصر وتحديدًا في ميناء القلزم -السويس حاليًا- وينتهي في اليمن. وعثر فيه من قبل على نقش مماثل للمتواجد في تيماء في منطقة وادي أبو غضا بالقرب من نخل، يحمل اسم الملك رمسيس الثالث.
ما العلاقة بين الحضارة النبطية والحضارات الأخرى التي ازدهرت في المملكة؟
تميزت المملكة بموقعها الجغرافي، في شبه الجزيرة العربية، لخصائصه الفريدة واتصاله بأقدم المناطق الحضارية. في الشرق القديم – مصر وبلاد النهرين – فقد توافرت مقومات الحياة وبناء الحضارة على أرض المملكة. لذلك نشأت العديد من الحضارات على تلك الأرض منذ آلاف السنين. إضافة إلى أنها كانت ملتقى حضارات الشرق الأدنى القديم لأغراض التجارة على سبيل المثال مدائن صالح. وهي أحد مواقع التراث العالمي المسجلة ضمن قائمة اليونسكو، وتمثل الحضارة النبطية القديمة (300 سنة قبل الميلاد). وتمثل واجهات القبور الضخمة فيها بعضًا من المعالم الأثرية المذهلة من العالم القديم، ويثبت جدار طوله 11 كيلو مترًا يحيط بمدينة تيماء القديمة، أن أرض المملكة كانت ملتقى للحضارات.
إذ يرجع تاريخه إلى 1200 سنة قبل الميلاد، والتي كانت في القرن السادس قبل الميلاد العاصمة التشغيلية للمملكة البابلية. أثناء حكم الملك نابونيد آثار ما قبل التاريخ في مدينة تيماء، وتشمل عددًا من القطع الأثرية. التي تعود إلى عصور المديانيين والأدوميين في بداية الألفية الأولى قبل الميلاد، تشمل نقوشًا من القرن السادس قبل الميلاد آثار العصر الإسلامي المبكر في مدينة تيماء. وتتمثل في قطع أثرية تم اكتشافها في المدينة، إضافة إلى المعالم الأثرية المتمثلة في الجدران الضخمة. وقصر الحمراء، وبئر هداج، وقصر الأبلق، وقصر البجيدي موقع آثار ثاج في شرق الجزيرة العربية غرب مدينة الجبيل. والتي تعد محطة مهمة على طريق القوافل التي كانت تعبرها لتتزود فيها بالماء والغذاء ويحتوي موقع ثاج الأثري. على أطلال مدينة كاملة محاطة بجدران مع أربعة أبراج وكشفت نتائج التنقيبات الأولية بداخل جدران المدينة عن وجود 5 مستويات رئيسة. من الاستيطان البشري يعود تاريخها إلى الفترة ما بين 500-300 سنة قبل الميلاد.
أول ترويض للخيول في وسط آسيا قبل 5500 سنة
جاء استيطان هذه المنطقة قبل آخر تصحر، أو أثناء الفترة الأخيرة من تقلبات المناخ وتظهر المواد الأثرية المكتشفة. في هذا الموقع أن سكان المقر استأنسوا الخيول قبل 9000 سنة، إلى جانب دلائل أثرية تشير إلى استئناس حيوانات أخرى. وتقنيات كانت تستخدم في الصيد والزراعة. وأشارت الدراسات السابقة أشارت إلى أن الخيل جرى ترويضه لأول مرة في وسط آسيا قبل 5500 سنة موقع جبه الفريد في وسط الكثبان الرملية من صحراء النفود شمال المملكة. والذي يعود تاريخه إلى العصر الحجري الجديد قبل 7000 سنة، وعرف بفنونه الصخرية العديدة المميزة. ويمتد تاريخه إلى 3 فترات تاريخية بعيدة، وكانت النحوت البشرية والحيوانية تميز تلك الفترة وكانت النحوت التي تصور الجمال، والخيول، والوعول. والنخيل إلى جانب النقوش الثمودية التي كانت تميز الفترة الثانية أو الفترة الثمودية، وتعتبر منحوتات الرجال وهم يركبون الجمال.
ما يميز الفترة الأخيرة وهي الفترة التي يتم خلالها تحميل القوافل بالبضائع موقع الشويمس الأثري الذي يعود تاريخه إلى العصر الحجري. وهو مركز مهم للحضارة في شمال شبه الجزيرة العربية، حيث يحتوي الموقع على فنون صخرية رائعة تصور البشر بالحجم الطبيعي. ومجموعة مختلفة من الحيوانات كما اُكتشف في الموقع إفريز رائع يبلغ طوله 12 مترًا. ويظهر صور البشر والحيوانات موقع قرية الفاو (قبل 400 – 300 سنة قبل الميلاد)، واكتشاف هذا الموقع قاد إلى إعادة تقييم الآثار العربية في القرون التي سبقت ظهور الإسلام. حيث انتعشت قرية الفاو أثناء عصر مملكة كنده، وكشفت التنقيبات التي نفذت بالموقع عن منحوتات برونزية نادرة. وسلسلة مذهلة من رسومات فريسكو، ومبنى ضخم تم نحته في البرونز. وتكشف عن تطور الحياة في مدن الجزيرة العربية على طول طرق التجارة القديمة المتجهة من اليمن إلى شبه الجزيرة العربية موقع درب زبيدة. الذي يشير إلى امتداد الطرق التي تربط مدينة مكة المكرمة بمصر، واليمن، وسوريا، والعراق، والشرق الإسلامي.
درب زبيدة
يعد درب زبيدة، من بين أهم المواقع العربية المرتبطة بهذه الطرق مواقع النقوش العربية المبكرة. التي تدل على مستوى التعلم والقدرة على الكتابة لدى المستوطنين في مواقع مختلفة من شبه الجزيرة العربية. أهم ما سبق هي مدائن صالح التي تقع حوالي 200 ميلًا إلى الشمال. من المدينة المنورة الواقعة في شمال غرب المملكة هي بقايا رائعة من الحضارة النبطية التي نحتت في الصحراء. على يد بناة البتراء في الأردن منذ 2000 سنة وتضم مقابر ضخمة زينت بنقوش قديمة مهداه إلى الموتى.
وتعتبر المقابر 131 المتبقية من أشهر المعالم في هذا الموقع الأثري والتي تشبه المنحوتات الموجودة في البتراء وتحمل نقوشا للحيوانات. وجدت قبل قيام المملكة السعودية وحول المقابر كانت تقع المدينة المزدهرة التي اعتبرت مركزًا تجاريًا مهما في ذلك الوقت. امتدت مملكة الأنباط من عاصمتها البتراء التي تقع في الأردن والتي اشتهرت بتجارة البخور من جنوب السعودية إلى البحر المتوسط. الذي كان يستخدم في الطقوس الدينية والدفن وهو في غاية الاهمية للعديد من الثقافات من ضمنها الامبراطورية الرومانية.
الرابط المختصر :