رسائل تهديد في إسرائيل والموساد يوصي بالتخفي – خليجي نيوز

تشهد المؤسسات الأكاديمية حول العالم حركة متزايدة لمقاطعة إسرائيل، وذلك على خلفية الأحداث الجارية في غزة والضفة الغربية. وتتعمق هذه المقاطعة، التي بدأت بشكل ملحوظ بعد انتفاضة الأقصى، لتشمل ليس فقط الأفراد، بل المؤسسات والبرامج البحثية بأكملها، مما يثير قلقاً متزايداً في الأوساط الإسرائيلية. وتأتي هذه التطورات في ظل اتهامات متصاعدة لإسرائيل بارتكاب جرائم وانتهاكات لحقوق الإنسان، مما يدفع العديد من الأكاديميين والمؤسسات إلى اتخاذ مواقف أكثر صرامة.

وتشير التقارير إلى أن هذه المقاطعة لم تتوقف مع إعلان وقف إطلاق النار، بل استمرت بوتيرة متسارعة، خاصة في أوروبا. وتتراوح أشكال المقاطعة بين رفض التعاون البحثي، وإلغاء المحاضرات والندوات التي يشارك فيها أكاديميون إسرائيليون، وحتى الضغط على الجامعات لإنهاء الشراكات مع المؤسسات الإسرائيلية. هذا العزل المتزايد يمثل تحدياً كبيراً للنظام الأكاديمي الإسرائيلي.

أنماط عزلة جديدة في المقاطعة الأكاديمية

تتجه أشكال العزل والمقاطعة في المستوى الأكاديمي إلى أنماط غير تقليدية. لم تعد المقاطعة مقتصرة على رفض التعاون مع باحثين إسرائيليين، بل تتسع لتشمل مقاطعة المؤسسات الأكاديمية بأكملها، ومقاطعة برامج دولية تشارك فيها مؤسسات إسرائيلية. هذا التحول يهدد بتقويض مكانة الجامعات الإسرائيلية على الساحة الدولية.

وتشمل هذه الأنماط الجديدة أيضاً مقاطعة أكاديميين ومتحدثين “يهود” في فعاليات أكاديمية داخل إسرائيل وخارجها. ففي نوفمبر 2023، اعتذر الكاتب وأستاذ الصحافة بيتر باينارت عن عدم إلقاء خطاب في جامعة تل أبيب، استجابة لضغوط من نشطاء يدعون إلى مقاطعة إسرائيل. وقد أثار هذا الاعتذار ردود فعل غاضبة من بعض الأوساط الإسرائيلية، التي اعتبرته اعتداءً على حرية التعبير.

بالإضافة إلى ذلك، شهدت الأشهر الأخيرة تلقي عشرات الأكاديميين الإسرائيليين تهديدات من موقع إلكتروني مجهول، يحذرهم من مغبة الاستمرار في “النشاط الإجرامي” – في إشارة إلى عملهم في المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية – وإلا سيتم اعتبارهم أهدافاً مشروعة. وقد أثارت هذه التهديدات قلقاً بالغاً في الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية، ودعت السلطات إلى التحقيق في الأمر.

دعم الجامعات الإسرائيلية للبرامج العسكرية

العديد من الجامعات الإسرائيلية تقدم دعماً لبرامج عسكرية إسرائيلية، مثل برنامج تخريج طياري سلاح الجو في جامعة بن غوريون. هذا الدعم يجعل هذه الجامعات هدفاً للمقاطعة، حيث يعتبره البعض شركاء في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وقد حذرت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الأكاديميين من توخي الحذر بشأن نشر تفاصيل رحلاتهم الخارجية، خوفاً من استهدافهم.

تقارير مؤسسية ترصد المقاطعة

نشر مجلس رؤساء الجامعات في إسرائيل تقريراً حديثاً يوضح حجم المقاطعة الأكاديمية وتأثيرها على المؤسسات الإسرائيلية. وأشار التقرير إلى أن عدد حالات المقاطعة في أوروبا قد ارتفع إلى ألف حالة بحلول نوفمبر 2023، وهو ما يمثل تضاعفاً مقارنة ببداية العام. كما سجل التقرير انخفاضاً في المنح البحثية الممنوحة للأكاديميين الإسرائيليين من صندوق هورايزون أوروبا.

وتشير البيانات إلى أن 57% من حالات المقاطعة تستهدف الباحثين الأفراد، بينما تتعلق 22% منها بمقاطعة المؤسسات، و7% بفرض قيود من قبل الجمعيات المهنية. كما أن 14% من الحالات تتعلق بتعليق البرامج الدولية. هذه الأرقام تؤكد أن المقاطعة تتسع وتأخذ أشكالاً مختلفة.

محاولات التكيف الإسرائيلية

تدرك إسرائيل خطورة هذه المقاطعة، وتسعى إلى تطوير أدوات لمواجهتها. وتشمل هذه الأدوات تعزيز الشبكات مع الجاليات والجامعات اليهودية في الخارج، وتشكيل فرق لمكافحة المقاطعة، ومراقبة وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، يبدو أن هذه المحاولات لم تنجح في وقف تصاعد المقاطعة.

وعقدت إسرائيل مؤتمرات في لندن وحيفا بهدف جمع الأكاديميين المؤيدين لها وتبادل الخبرات حول كيفية مواجهة المقاطعة. لكن هذه المؤتمرات واجهت انتقادات من قبل نشطاء يدعون إلى مقاطعة إسرائيل، الذين اعتبروها محاولة لتبييض صورة إسرائيل وتجاهل الانتهاكات التي ترتكبها.

من المتوقع أن تستمر المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل في التزايد خلال الأشهر المقبلة، خاصة إذا لم يتم تحقيق تقدم ملموس في عملية السلام. وسيكون من المهم مراقبة ردود فعل المؤسسات الأكاديمية في أوروبا وأمريكا الشمالية، وتقييم تأثير المقاطعة على البحث العلمي والتبادل الأكاديمي. كما يجب متابعة الجهود الإسرائيلية لمواجهة المقاطعة، وتقييم مدى فعاليتها.

مقالات ذات صلة