لماذا تتزايد المطالب بعودة بريطانيا إلى الاتحاد الجمركي الأوروبي؟ – خليجي نيوز

تصاعدت الدعوات داخل حزب العمال البريطاني للعودة إلى الاتحاد الجمركي الأوروبي، مدفوعةً بقلق متزايد بشأن الأداء الاقتصادي للبلاد بعد خروج بريطانيا من الاتحاد. آخر هذه الدعوات كانت من وزير الصحة ويس ستريتينغ، الذي أكد أن تعزيز العلاقات التجارية مع أوروبا ضروري لتحفيز النمو، وهو ما يتماشى مع آراء غالبية ناخبي الحزب. هذا التوجه يمثل تحديًا لسياسة رئيس الحزب كير ستارمر، الذي يرفض حاليًا إعادة النظر في وضع بريطانيا خارج الاتحاد الجمركي.
وأكد ستريتينغ، في مقابلة مع صحيفة “الأوبزرفر”، أن علاقات تجارية أوسع مع أوروبا ستساهم بشكل كبير في زيادة الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا. وتأتي هذه التصريحات في ظل استطلاعات رأي حديثة تشير إلى دعم واسع النطاق لهذا الموقف بين أنصار حزب العمال، بالإضافة إلى قطاعات أخرى من الناخبين البريطانيين.
لماذا العودة إلى الاتحاد الجمركي الأوروبي؟
يرى مؤيدو العودة إلى الاتحاد الجمركي الأوروبي أن ذلك سيقلل من الحواجز التجارية مع أكبر شريك اقتصادي لبريطانيا، مما يعزز الصادرات ويجذب الاستثمارات. ويشيرون إلى أن “بريكست” أدى إلى تعقيدات في سلاسل التوريد وزيادة في التكاليف، مما أضر بالقدرة التنافسية للشركات البريطانية.
ووفقًا لمؤسسة “يوجوف” لاستطلاعات الرأي، يؤيد 80% من الناخبين الذين صوتوا لصالح حزب العمال في الانتخابات الأخيرة الانضمام إلى الاتحاد الجمركي الأوروبي. كما أظهر الاستطلاع رغبة قوية في أن تتفاوض قيادة جديدة للحزب على اتفاقية تجارية جديدة مع الاتحاد الأوروبي.
هذا الدعم لا يقتصر على ناخبي حزب العمال، بل يمتد ليشمل مؤيدي أحزاب أخرى مثل حزب الأحرار الديمقراطيين وحزب الخضر. ويعكس هذا تحولًا في الرأي العام البريطاني، حيث يرى الكثيرون الآن أن فوائد البقاء في الاتحاد الأوروبي تفوق التحديات.
التحديات التي تواجه ستارمر
يمثل موقف ستريتينغ تحديًا مباشرًا لكير ستارمر، الذي أكد مؤخرًا عدم وجود أي تغيير في سياسة حزبه فيما يتعلق بالعضوية في الاتحاد الجمركي الأوروبي. ويرى ستارمر أن إعادة التفاوض على اتفاقية جديدة مع الاتحاد الأوروبي ستكون عملية معقدة وطويلة الأمد، وقد لا تحقق النتائج المرجوة.
إضافة إلى ذلك، يخشى ستارمر من أن أي تحول في موقف حزب العمال تجاه الاتحاد الأوروبي قد يثير غضب الناخبين الذين صوتوا لصالح “بريكست” في الاستفتاء عام 2016. ويحاول ستارمر الحفاظ على توازن دقيق بين تلبية مطالب مؤيدي الاتحاد الأوروبي وجذب الناخبين الذين يدعمون الخروج من الاتحاد.
الأبعاد السياسية والاقتصادية
تأتي هذه الدعوات في سياق سياسي واقتصادي معقد. فقد أظهرت البيانات الاقتصادية الأخيرة تباطؤًا في النمو البريطاني، وارتفاعًا في معدلات التضخم. ويرى الكثيرون أن “بريكست” ساهم في تفاقم هذه المشاكل، وأن العودة إلى الاتحاد الجمركي الأوروبي يمكن أن تساعد في حلها.
من ناحية أخرى، يرى معارضو العودة إلى الاتحاد الأوروبي أن ذلك سيقوض سيادة بريطانيا ويحد من قدرتها على إبرام اتفاقيات تجارية مستقلة مع دول أخرى. ويشيرون إلى أن الحكومة البريطانية قد أبرمت بالفعل اتفاقيات تجارية جديدة مع دول مثل الهند وأستراليا، وأن العودة إلى الاتحاد الأوروبي قد تعيق هذه الاتفاقيات.
كما أن هناك مخاوف بشأن تأثير العودة إلى الاتحاد الأوروبي على الهجرة. فقد أدى “بريكست” إلى تقليل عدد العمال الأوروبيين الذين يأتون إلى بريطانيا، ويرى البعض أن العودة إلى الاتحاد الأوروبي قد تؤدي إلى زيادة الهجرة مرة أخرى.
مستقبل العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي
من الواضح أن قضية العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي لا تزال قضية خلافية في السياسة البريطانية. ومع اقتراب الانتخابات العامة، من المتوقع أن تزداد حدة النقاش حول هذا الموضوع.
في الوقت الحالي، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان حزب العمال سيغير موقفه بشأن الاتحاد الجمركي الأوروبي. ومع ذلك، فإن تصاعد الدعوات من داخل الحزب يشير إلى أن هذا الموضوع قد يصبح أكثر أهمية في المستقبل القريب.
من المرجح أن تشهد الأشهر القادمة مزيدًا من المناقشات والتحليلات حول فوائد وتكاليف العودة إلى الاتحاد الجمركي الأوروبي. وسيكون من المهم مراقبة تطورات هذا النقاش، وكيف ستؤثر على مستقبل العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي. الخطوة التالية المتوقعة هي رد فعل قيادة حزب العمال الرسمي على هذه الدعوات المتزايدة، وربما إجراء استطلاع داخلي لتقييم مدى الدعم لهذا التوجه.



