إيمان الهدبان 

إيمان الهدبان 

 

ابنة القوّة، وأمّ الحكاية، وصاحبة رسالة لم تولد من الكتب بل من الحياة نفسها

 

هناك أشخاص يمرّون في الحياة مرورًا عابرًا…

وهناك أشخاص تصنعهم التجارب القاسية فيتحولون إلى منارة.

ثم هناك فئة ثالثة نادرة…

أشخاصٌ كتبت لهم الحياة أن يحملوا رسالة أكبر من أعمارهم، وأن يفتحوا لأسر كاملة أبوابًا لم تكن موجودة.

 

إيمان الهدبان تنتمي لهذه الفئة الثالثة.

 

هي ليست مجرد اسم، وليست مديرة مركز، وليست سيدة تعمل في مجال الإعاقة…

إيمان قصة تُروى.

تجربة تُحتذى.

وقيمة إنسانية لا تُمنح… بل تُولد من الداخل.

 

لكن قبل أن نبدأ من عندها… علينا أن نبدأ من حيث بدأت هي.

 

 

غسان الهدبان… الرجل الذي صنع جذر الحكاية

 

خلف كل امرأة عظيمة… رجلٌ علّمها كيف تقف.

 

وغسان الهدبان—

مدير عام وزارة النفط السابق،

ورجل الفكر والمسؤولية والانضباط—

لم يكن مجرد والد لإيمان…

 

كان الكتف الأول.

كان الاحتواء الحقيقي عندما كانت فكرتها مجرد شعور، ومركزها مجرد حلم، وخطوتها الأولى ثقيلة ومربكة.

 

لم يكتفِ بالدعم… بل آمن.

لم يكتفِ بالاستماع… بل شارك.

ولم يكتفِ بتشجيعها… بل أعطاها الثبات الذي لا يأتي إلا من أبٍ يرى في ابنته ما لا يراه العالم.

 

ولهذا… حين نكتب عن إيمان لا يمكن أن ننسى الأصل:

رجلٌ زرع الثقة، فكبرت الفكرة، فصار المركز واقعًا.

 

 

من قلب أم لطفل توحدي… وُلِدت رؤية لا تشبه أي رؤية

 

الأمومة مدرسة…

لكن أمومة طفل توحدي امتحان يومي.

 

امتحان في الصبر،

وفي الخوف،

وفي البحث،

وفي المواجهة،

وفي الليل الطويل الذي لا يسمعك فيه أحد.

 

ولأن إيمان عاشت هذا الامتحان بكل صدق…

تحولت تجربتها من وجع شخصي إلى رسالة عامة.

 

لم تتعلم من الكتب… بل من عيني طفلها.

لم تتخرّج من جامعة… بل من غرفة الجلسات، ومن رسائل الأطباء، ومن دمعة أم رأت نفسها فيها.

 

ولهذا… حين تمسك بيد طفل داخل المركز، فهي تمسك بيد طفلها أولًا.

وحين تطمئن أمًّا خائفة، فهي تطمئن نفسها التي كانت خائفة يومًا.

وحين تضع خطة علاج… تضعها بقلب أم قبل قلم اختصاصي.

 

 

مركز الهدبان… ليس مشروعًا، بل امتداد لروح

 

كثيرون يؤسسون مراكز.

لكن قليلًا من المراكز تُبنى على قصة حقيقية.

 

مركز الهدبان ليس مبنى…

ولا ملفًا إداريًا…

ولا أوراق اعتماد.

 

إنه بيت.

بيتٌ بُني من رحلة أم، ومن حكمة أب، ومن فهم عميق لمعنى أن يولد الطفل مختلفًا في عالم لا يعرف كيف يتعامل مع الاختلاف.

 

ولذلك لم يكن غريبًا أن يتحول المركز في عهد إيمان إلى:

 • مساحة أمان للأطفال

 • بوصلة للأهالي

 • نموذج إنساني راقٍ في العلاج والرعاية

 • ومنهج متكامل يجمع بين العلم والإنسانية

 

كل هذا… لأن التجربة حقيقية، والألم أصيل، والرسالة أكبر من المنصب.

 

 

تطوير لا يهدأ… لأن قلب الأم لا يهدأ

 

الفرق بين من يعمل في المجال… ومن يعيش المجال

هو الفرق بين الرؤية الباردة والرؤية التي تنبض.

 

إيمان لا تُدخل البرامج الحديثة لأنها “موضة”.

ولا تطوّر الكوادر لأن اللائحة تقول ذلك.

 

بل لأنها تعرف أن:

دقيقة ضائعة = خطوة ناقصة

جلسة مؤجلة = فرصة قد لا تعود

قرار خاطئ = أثر طويل الأمد في حياة طفل

 

ولذلك جاء تطويرها للمركز كالتالي:

 • خطط علاج فردية دقيقة

 • وحدات حسية مطوّرة

 • برامج سلوكية عالمية

 • دمج اجتماعي واعٍ

 • متابعة مستمرة للأهالي

 • بيئة تحترم الطفل، ولا تكرر أخطاء مراكز أخرى

 

الحضور… الذي لا يمكن تقليده

 

يمكن لأي شخص أن يعلّم…

لكن ليس أي شخص يستطيع أن يحس.

 

وهذه ميزة إيمان التي لا تُنسخ:

 

هي ليست المديرة التي تراقب من المكتب…

بل التي تجلس مع الأطفال.

تسمع الأهالي.

تحضر الجلسات.

تتابع التقارير.

وتتواجد دائمًا في اللحظة التي يتجنب الجميع رؤيتها:

لحظة انهيار الأم.

 

هذا الحضور الإنساني…

هو ما جعل اسمها يكبر، وليس منصبها.

خاتمة… ليست خاتمة

 

إيمان الهدبان ليست “قصة جميلة”…

هي صوتٌ لقضية،

ويدٌ لطفل،

وقلبٌ لأم،

ورؤية أبٍ حكيم كان هو بداية الطريق.

 

وهكذا…

من أبٍ آمن، وأمٍ عاشت، وطفلٍ علّم…

وُلد مركز لا يشبه أي مركز،

ورسالة لا تشبه أي رسالة،

وحكاية لا يمكن للزمن أن يكررها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *