دراسة شاملة: الأطعمة فائقة المعالجة تهدد صحة البشر وتهزم الأنظمة الغذائية التقليدية – خليجي نيوز

تتزايد المخاوف الصحية العالمية بشأن الانتشار الواسع للأطعمة فائقة المعالجة وتأثيرها السلبي على الصحة العامة. تشير تحذيرات علمية حديثة إلى أن هذه الأطعمة، التي حلت محل الوجبات التقليدية في العديد من البلدان، تساهم في ارتفاع معدلات الأمراض المزمنة مثل السمنة والسكري وأمراض القلب. وتدعو أبحاث حديثة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من استهلاكها وتنظيم إنتاجها.

تزايد استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة وتأثيرها على الصحة

أظهرت دراسات حديثة أن استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة قد ارتفع بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، خاصة في الدول ذات الدخل المرتفع. وفقًا لأوراق بحثية نُشرت في مجلة “لانسيت” الطبية، تشكل هذه الأطعمة ما يقارب نصف إجمالي الطاقة اليومية في دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا. تتميز هذه المنتجات بارتفاع نسبة السكريات والدهون المشبعة والصوديوم، مع نقص الألياف والفيتامينات والمعادن الأساسية.

ارتباط الأطعمة فائقة المعالجة بالأمراض المزمنة

كشفت مراجعة تحليلية شملت أكثر من 100 دراسة طويلة الأمد عن وجود ارتباط قوي بين استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة وزيادة خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة. وتشمل هذه الأمراض السمنة، والسكري من النوع الثاني، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم، وبعض أنواع السرطان. بالإضافة إلى ذلك، تشير الأبحاث إلى أن هذه الأطعمة قد تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب وأمراض الجهاز الهضمي.

وتشير التجارب السريرية إلى أن الأنظمة الغذائية الغنية بهذه الأطعمة تؤدي إلى زيادة استهلاك السعرات الحرارية، مما يساهم في زيادة الوزن وتراكم الدهون. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤثر هذه الأطعمة على آليات التحكم في الشهية، مما يدفع الأفراد إلى تناول كميات أكبر من الطعام.

الحاجة إلى إصلاحات جذرية في السياسات الغذائية

يؤكد الخبراء أن مجرد تعديل وصفات الأطعمة فائقة المعالجة، مثل استبدال السكر بالمحليات الصناعية، لا يكفي لمعالجة المشكلة الأساسية. بل يتطلب الأمر إصلاحات جذرية في السياسات الغذائية واللوائح التنظيمية. وتشمل المقترحات الرئيسية تنظيم الإضافات الصناعية وفرض ملصقات واضحة على المنتجات، توضح مدى تصنيعها.

مقترحات للحد من استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة

من بين السياسات المقترحة، فرض ضرائب على المشروبات السكرية وبعض الأطعمة فائقة المعالجة، مع تخصيص الإيرادات لدعم إنتاج وتوزيع الأطعمة الطازجة والصحية. كما يوصي الخبراء بحظر الإعلانات الموجهة للأطفال دون سن 18 عامًا لهذه المنتجات، وتقييد توافرها في المدارس والمستشفيات. بالإضافة إلى ذلك، هناك دعوات لتعزيز المنافسة في سوق الأغذية والحد من نفوذ الشركات الكبرى.

نفوذ الشركات وتحديات التنظيم

تشير الأبحاث إلى أن انتشار الأطعمة فائقة المعالجة ليس مجرد نتيجة لخيارات فردية، بل هو انعكاس لنموذج تجاري ضخم تقوده شركات عابرة للحدود. تتمتع هذه الشركات بنفوذ كبير في التسويق والضغط السياسي، وغالبًا ما تعيق جهود تنظيم القطاع. في عام 2024، تجاوز إنفاق هذه الشركات على الإعلانات ميزانية منظمة الصحة العالمية، مما يسلط الضوء على حجم تأثيرها.

ويحذر الباحثون من أن الشركات تعتمد استراتيجيات مشابهة لتلك التي استخدمتها صناعات التبغ والوقود الأحفوري، مثل تأخير التنظيم وخلق شكوك علمية حول الآثار الصحية الضارة لمنتجاتها. وهذا يجعل من الصعب على الحكومات اتخاذ إجراءات فعالة لحماية الصحة العامة.

الخطوات التالية والتحديات المستقبلية

يدعو الخبراء إلى تبني استجابة عالمية شاملة تتضمن فرض ضرائب على إنتاج الأطعمة فائقة المعالجة، وإلزام الشركات بإعادة تدوير البلاستيك المستخدم في تغليفها، وحماية السياسات والأبحاث من تضارب المصالح. كما يوصون بإنشاء تحالفات دولية لمساندة صناع القرار في مواجهة نفوذ الشركات. من المتوقع أن يناقش وزراء الصحة في دول مجموعة العشرين هذه التوصيات خلال اجتماعهم القادم في شهر ديسمبر، وقد يتم وضع جدول زمني لتنفيذ بعض هذه الإجراءات. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة، بما في ذلك مقاومة الشركات الكبرى وصعوبة تحقيق توافق دولي بشأن السياسات الغذائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *