الخليج

وول ستريت: الإمارات تنشر مرتزقة كولومبيون لدعم قوات الدعم السريع في السودان

كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن وجود مرتزقة كولومبيين يدعمون قوات الدعم السريع في السودان، في واحدة من أبرز تجليات التدخلات الأجنبية في الصراع السوداني.

أظهرت مقاطع فيديو تم تصويرها في منطقة دارفور رجالاً يرتدون زياً مموهاً يقفون بجانب أسلحة وممتلكات شخصية للسجناء، بما في ذلك جوازات سفر كولومبية، وهو ما أكد وجود مقاتلين أجانب في النزاع.

تشير التحقيقات إلى أن المقاتلين الكولومبيين جُنّدوا عبر شركة أمنية مقرها أبوظبي تُدعى “المجموعة العالمية للخدمات الأمنية” (GSSG). تقدم هذه الشركة خدماتها للحكومة الإماراتية، بما في ذلك وزارات الداخلية والخارجية والشؤون الرئاسية.

سبق للشركة أن درّبت قوات محلية في أوغندا على مكافحة الإرهاب وحماية كبار الشخصيات، وقدمت نفسها هناك على أنها تعمل نيابة عن الحكومة الإماراتية.

بدأت عملية التجنيد في كولومبيا عبر وكالة محلية تُعرف بـ**”الوكالة الدولية للخدمات” (E4SA)**، التي نشرت إعلانات توظيف تعرض رواتب تتراوح بين 2600 و6000 دولار شهرياً.

استهدفت الإعلانات العسكريين الكولومبيين السابقين ذوي الخبرة، خصوصاً مشغلي الطائرات المسيرة والقناصة والمتخصصين في الأمن السيبراني.

نظّمت الوكالة تجمعات تسويقية في عدة مدن كولومبية، حيث التقى ممثلوها بجنود سابقين لإقناعهم بتوقيع عقود عمل.

تم نقل المجندين الكولومبيين إلى الإمارات أولاً، ومنها إلى مدينة بنغازي الليبية، التي يسيطر عليها أمير الحرب خليفة حفتر المدعوم من الإمارات.

بعد ذلك، تم إرسالهم إلى قاعدة جوية قديمة قريبة من الحدود السودانية، ومن هناك إلى دارفور، حيث انخرطوا في دعم قوات الدعم السريع التي تسعى للسيطرة على مناطق استراتيجية.

  • رويترز توثق رحلات إماراتية على مطار مخصص لنقل أسلحة إلى الدعم السريع في السودان

يلعب السودان دوراً استراتيجياً في النزاعات الإقليمية، إذ تتنافس الإمارات ومصر على النفوذ في البلاد.

تُعد الإمارات الوجهة الرئيسية لمعظم صادرات الذهب السوداني، وتتهم بتقديم دعم مباشر لقوات الدعم السريع، بما في ذلك شحنات أسلحة ومواد حربية. من جانبها، تنفي وزارة الخارجية الإماراتية دعم أي طرف في الصراع، مشددة على دعوتها لحل سلمي.

على الجانب الآخر، تشير تقارير إلى أن مصر، التي تدعم الجيش السوداني، قدمت دعماً عسكرياً شمل غارات جوية باستخدام طائرات خفيفة لضرب مواقع قوات الدعم السريع في دارفور ومناطق أخرى. يأتي هذا في سياق سعي مصر لكسب دعم السودان في نزاعها مع إثيوبيا بشأن سد النهضة.

تُعد كولومبيا واحدة من الدول التي تضم أعداداً كبيرة من المحاربين القدامى ذوي الخبرة العسكرية، ما يجعلها هدفاً سهلاً لشركات الأمن الخاصة.

العديد من الجنود الكولومبيين المتقاعدين عملوا سابقاً كمرتزقة في نزاعات مختلفة، بما في ذلك الحرب الأهلية في اليمن التي دعمت الإمارات فيها قوات محلية.

ورغم توقيع عقود عمل مع شركة “GSSG”، أكد العديد من الجنود الكولومبيين أنهم لم يُبلغوا بأن السودان سيكون وجهة عملهم، واعتبروا أنهم تعرضوا للخداع.

وأظهرت مقاطع فيديو قافلة مرتزقة كولومبيين تم اعتراضها في نوفمبر 2023 من قبل قوات التحالف الموالية للجيش السوداني.

تضمنت القافلة مركبات وأسلحة، بعضها يحمل ملصقات بلغارية، رغم أن الحكومة البلغارية نفت تصدير أي أسلحة إلى السودان.

أكد المتحدث باسم قوة التحالف أن العديد من المقاتلين الأجانب قُتلوا أو أُسروا، واتهم الإمارات بتنظيم حركة المقاتلين والأسلحة عبر دارفور.

منذ اندلاع القتال في السودان في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، تصاعدت الأزمة الإنسانية بشكل كبير.

أسفرت المعارك عن نزوح ملايين السودانيين ومقتل الآلاف، وسط تزايد التدخلات الإقليمية التي عمّقت الأزمة. ورغم قرارات الأمم المتحدة التي تحظر توريد الأسلحة إلى دارفور، تستمر التدخلات الأجنبية، مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع.

وفي ظل هذه الظروف، ناقش وزير الخارجية الكولومبي مع نظيره السوداني إعادة الجنود السابقين الذين أُسروا أو خدعوا في عقود العمل. وأكدت وزارة الخارجية الكولومبية أنها تعمل عبر القنوات الدبلوماسية لضمان عودة مواطنيها.

الصراع في السودان يمثل اليوم إحدى أبرز الأزمات الإنسانية والسياسية في العالم، مع استمرار تدخل القوى الأجنبية التي تسعى لتحقيق مصالحها على حساب السكان المحليين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى