“لا شيء يستحق ذلك”.. حوار خاص مع مدربة العلاقات حنان حمد

في زمنٍ تتشابك فيه المشاعر مع الضغوط اليومية، وتختلط فيه الأصوات بين ما يجب أن نفعله وما نرغب في فعله حقًّا، باتت العلاقات الإنسانية أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.
وسط هذا الضباب، يطلّ علينا اسمٌ سطع في الآونة الأخيرة ” حنان حمد ” كوتش العلاقات وأخصائية الصحة النفسية المرتبطة بالعلاقات الإنسانية، التي حملت على عاتقها مهمة إعادة تعريف مفهوم الحب، واشتهرت بمقولتها: “قبل أن تُحب إنسانًا يجب عليك أن تكون أنت إنسانًا”.
من يتابع كوتش حنان على منصات التواصل الاجتماعي، أو يعرفها عن قرب، ويخوض معها رحلة في فهم النفس البشرية في العلاقات العاطفية، الزوجية، الأسرية، وحتى علاقة الإنسان بذاته، يلحظ قدرتها الفريدة على تبسيط المفاهيم المعقّدة وتحويلها إلى خطوات عملية قابلة للتطبيق. فهي تتحدث عن الوعي الذاتي قبل الحديث عن الشريك، وعن إصلاح الداخل قبل ترميم الخارج. وفي نظرها:
“العلاقة الصحية ليست صدفة، بل قرار واعٍ وسعي مستمر لإنجاح هذه العلاقة، مع تقديم التضحيات بشكل متوازن من الطرفين”.
تؤمن كوتش حنان أنّ المجتمع العربي يعيش فجوة في ثقافة العلاقات، حيث يتم التركيز على الزواج كمحطة أخيرة، دون التوقف لفهم فنون التواصل، وإدارة الخلافات، وبناء علاقة صحية، مما يدفع كثيرون إلى دخول علاقات غير متكافئة أو البقاء فيها بدافع الخوف لا الحب.
من خلال جلساتها ومحتواها على منصة “إنستغرام”، استطاعت أن تمزج بين العلم والحدس، بين الذكاء والعاطفة، وبين التحليل النفسي، لتصنع مع متابعيها رحلة بحث صادقة عن الحب الناضج الذي يقود إلى علاقة صحية.
بدايةً كان سؤالي لكوتش حنان، من أنتِ بعيدًا عن الألقاب المهنية؟
أنا إنسانة قبل أن أكون مدربة. مررتُ بتجارب شخصية علّمتني أن الحب وحده لا يكفي لاستمرار أي علاقة، مهما كان نوعها، بل هناك أسس أعمق مثل الاحترام، الأمان، والتفاهم.
ما هي أكثر الأخطاء التي ترتكبها النساء في العلاقات العاطفية-الزوجية؟
التضحية المفرطة بالذات من أجل إرضاء الطرف الآخر. كثيرات يعتقدن أن التنازل المفرط دليل حب، بينما هو في الحقيقة تآكل للهوية. العلاقة الصحية يجب أن تكون مبنية على توازن، حتى في التضحية.
وماذا عن الرجال؟
من أكثر الأخطاء التي يقع فيها الرجال في العلاقات، إهمالهم للتواصل العاطفي إذ يظن كثيرون أن أداء الواجبات المادية كافٍ، غير مدركين أن الكلمة الصادقة والاحتواء النفسي هما ما يمنح العلاقة دفئها الحقيقي. وأيضًا خوفهم من إظهار الضعف، فيتقمصون صورة الرجل القوي الصامت، في حين أن الإفصاح عن المشاعر الصادقة يقوّي الرابط العاطفي ولا يُضعفه.
لماذا يدخل كثير من الناس بعد انتهاء العلاقة في دوامة الندم ويقولون: “ليتني لم أحب”؟ هل هذا شعور طبيعي أم أثر سام من العلاقة؟
هذا شعور طبيعي. يحضرني قول الشاعر نزار قباني: “لو أني أعرف أن الحُبّ خطيرٌ جدًا ما أحببت”.
لا يوجد ضمان حقيقي لنجاح أي علاقة الجميع يدخل بعلاقة بهدف النجاح لكن نسبة قليلة جدًا من يعيش علاقة ناجحة بالفعل وليس دائمًا فشل العلاقة دليلًا على أنها كانت سامة؛ فقد يكون السبب غياب التفاهم، أو نقص الصدق، أو ظروف صعبة، أو غياب الحب، وربما لا شيء مما ذُكر، بل لأن الله تعالى شاء ذلك لخير أراده للطرفين.
في الآونة الأخيرة شهدنا على مواقع التواصل انقسامًا حادًا بين شخصيات مؤثرة في مجالات مختلفة، خاصة المجال النفسي والكوتشينغ، بين من ينحاز للرجل أو للمرأة. إلى أي طرف تنحاز كوتش حنان؟
ما ينتشر الآن من مفاهيم مشوهة هو محاولة لهدم مبادئ وقيم إنسانية جوهرية.
في نظري، لا يوجد أي علاقة تنافسية بين الرجل والمرأة، فلكلٍّ منهما دور خاص به في هذه الحياة. المجتمع يقوم على الأسرة، والأسرة قائمة على الرجل والمرأة، وأي مفاهيم مشوهة تهدف لتفكيك الأسرة تعني في النهاية انقراض البشرية بشكل تكتيكي.
حقًا، لا شيء يستحق ذلك.
في الختام، نتوجّه بالشكر إلى الكوتش حنان حمد على وقتها وإجاباتها الصريحة التي أضاءت العديد من الجوانب المهمة في العلاقات الإنسانية.
حديثها حمل مزيجًا من الواقعية والأمل، وترك لنا مساحة للتأمل في معنى قولها:
“قبل أن تُحب إنسانًا يجب عليك أن تكون أنت إنسانًا”.