وسط تصاعد التوترات السياسية .. رئيس كوريا الجنوبية يتراجع عن الأحكام العرفية
تراجع رئيس كوريا الجنوبية، يون سوك يول، الثلاثاء، عن فرض الأحكام العرفية بعد ساعات قليلة من إعلانها، عقب تصويت البرلمان لصالح إلغائها.
جاء ذلك بعد اجتماع لمجلس الوزراء دعا خلاله الرئيس إلى رفع الأحكام العرفية، مؤكداً التزامه بالتعاون مع المؤسسات الدستورية.
صرحت وكالة “يونهاب” أن الجيش الكوري الجنوبي أعلن عودة قواته إلى مقراتها، وأكد عدم رصد أي تحركات غير عادية من كوريا الشمالية.
رغم إعلان الأحكام العرفية، لم يُذكر أي تهديد مباشر من بيونغ يانغ، بل ركز الرئيس على خصومه السياسيين الداخليين.
تُعد هذه أول مرة تُعلن فيها الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية منذ عام 1980، ما أثار موجة من الجدل والاحتجاجات.
في سياق متصل، أظهر بث مباشر محاولات قوات الجيش دخول مبنى البرلمان، مما دفع موظفي الجمعية الوطنية لمحاولة التصدي لهم باستخدام معدات مكافحة الحرائق.
وأفادت “يونهاب” بأن البرلمان عقد جلسة عامة في ساعات مبكرة من صباح الأربعاء، حيث صوت 190 نائباً لصالح إلغاء الأحكام العرفية، معتبرين الإجراء باطلاً ولاغياً.
- أمريكا تسمح بتحويل 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية إلى قطر
وأثار القرار احتجاجات واسعة أمام البرلمان، حيث هتف المتظاهرون مطالبين بسحب الأحكام العرفية واعتقال الرئيس يون.
جاء ذلك تزامناً مع اتهام المعارضة للرئيس بمحاولة الانقلاب وانتهاك الدستور، مشيرةً إلى أن الإعلان غير قانوني ويُعد جريمة دستورية.
من جانبه، برر الرئيس يون في خطاب متلفز قراره بضرورة الدفاع عن النظام الدستوري ومواجهة القوى الموالية لكوريا الشمالية.
وأشار إلى أن معارضة البرلمان تعرقل السلطة التنفيذية من خلال تقديم اقتراحات لعزل المسؤولين الحكوميين وتخفيض الميزانية، معتبراً هذه الخطوات عائقاً أمام أداء الحكومة.
فيما يتعلق بالاقتصاد، شهد الوون الكوري انخفاضاً حاداً مقابل الدولار الأميركي بعد إعلان الأحكام العرفية، حيث وصل إلى أدنى مستوى له منذ أكتوبر 2022. وقد أثر ذلك على الأسواق المحلية، وسط مخاوف من تصاعد الأزمة السياسية.
وأشارت وكالة “يونهاب” إلى أن خدمات الإنترنت شهدت اضطرابات ملحوظة عقب الإعلان، حيث تعرضت منصات إلكترونية رئيسية مثل “نافر” و”داوم” لزيادة كبيرة في حركة المرور، مما أثر على أدائها.
وأكدت شركة Kakao Corp، المشغلة لمنصة “داوم”، أن خدماتها عادت إلى طبيعتها دون رصد أي أعطال.
على صعيد آخر، انتقد الحزب الحاكم إعلان الأحكام العرفية، واصفاً إياه بالتصرف الخاطئ، وأكد التزامه بمنع هذه الإجراءات بالتعاون مع الشعب.
بينما وصف حزب كوريا الديمقراطي المعارض الإجراء بأنه انقلاب يستهدف تقويض النظام الديمقراطي الحر في البلاد.
ووفقاً للدستور الكوري الجنوبي، يتمتع الرئيس بصلاحية إعلان الأحكام العرفية في حالات الطوارئ الوطنية، ولكن يحق للبرلمان التصويت لإلغائها بأغلبية الأصوات، وهو ما تحقق في هذه الحالة.
يُعد هذا التطور نقطة فاصلة في المشهد السياسي الكوري، حيث يعكس الصراع المتزايد بين السلطة التنفيذية والمعارضة.
وفي ظل تصاعد التوترات السياسية، يبقى مستقبل الاستقرار الداخلي في كوريا الجنوبية غير واضح، وسط دعوات لتهدئة الأوضاع والتركيز على مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجه البلاد.